- عزل أبي موسى الأشعري عن البصرة وتولية عبد اللَّه بن عامر (١) (سنة ٢٩ هـ/ ٦٥٠ م) ⦗٧٠⦘.
عزل عثمان ﵁ في سنة ٢٩ هـ أبا موسى الأشعري عن البصرة لثلاث سنين مضت من خلافته. وولى عبد اللَّه بن عامر بن كريز (٢) وهو ابن خاله (٣) .
وكان سبب عزل أبي موسى أن أهل ايْذَج (٤)، والأكراد كفروا، فنادى أبو موسى في الناس وحضَّهم وندبهم، وذكر من فضل الجهاد في الرُّجلة (٥) حتى حمل نفر على دوابهم وأجمعوا على أن يخرجوا رجالًا (٦) . وقال آخرون: لا واللَّه لا نعجل بشيء حتى ننظر ما يصنع، فإن أشبه قوله فعله فعلنا كما يقول، فلما خرج أخرج ثقله (٧) من قصره على أربعين بغلًا، فتعلقوا بعنانه وقالوا: احملنا على بعض هذه الفضول وارغب في المشي كما رغَّبتنا، فضرب القوم بسوطه، فتركوا دابته فمضى، وأتوا عثمان فاستعفوه منه، وقالوا: ما كل ما نعلم نحب أن نقوله فأبدلنا نه. فقال: من تحبون؟ فقالوا: غيلان بن خرشة، في كل أحد عوض من هذا العبد الذي قد أكل أرضًا وأحيا أمر الجاهلية فينا. أما منكم خسيس فترفعوه! أما منكم فقير فتجبروه! يا معشر قريش حتى ⦗٧١⦘ يأكل هذا الشيخ الأشعري هذه البلاد؟ فانتبه لها عثمان فعزل أبا موسى وولَّى عبد اللَّه بن عامر، فلما سمع أبو موسى قال: يأتيكم غلام عمر، خراج، ولاَّج، كريم الجدات، والخالات، والعمات، يجمع له الجندان، وكان عمر عبد اللَّه خمسًا وعشرين سنة، وجمع له جند أبي موسى، وجند عثمان بن أبي العاص الثقفي (٨) من عمان والبحرين، واستعمل على خراسان عمير بن عثمان بن سعد (٩)، وعلى سجستان عبد اللَّه بن عمير الليثي وهو من ثعلبة، فأثخن فيها إلى كابل، وأثخن عمير في خراسان حتى بلغ فرغانة لم يدع دونها كورة إلا أصلحها، وبعث إلى مكران عبيد اللَّه بن معمر (١٠)، فأثخن فيها حتى بلغ النهر، وبعث إلى كرمان عبد الرحمن بن ⦗٧٢⦘ عبيس، وبعث إلى الأهواز وفارس نفرًا، ثم عزل عبد اللَّه بن عمير، واستعمل عبد اللَّه بن عامر فأقره عليها سنة، ثم عزله واستعمل عاصم بن عمرو (١١) وعزل عبد الرحمن بن عبيس وأعاد عدي بن سهيل بن عدي (١٢)، وصرف عبيد اللَّه بن معمر إلى فارس، واستعمل مكانه عمير بن عثمان، واستعمل على خراسان أمير (١٣) بن أحمر اليشكري، واستعمل على سجستان سنة أربع عمران بن الفضيل البرجمي، ومات عاصم بن عمرو بكرمان (١٤) .
_________
(١) الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج ٢/ص ٦٠٤، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٢/ص ٤٩١.
(٢) هو عبد اللَّه بن عامر بن كُريز بن ربيعة، الأموي، أبو عبد الرحمن، أمير فاتح، ولد بمكة سنة ٤ هـ، ولي البصرة أيام عثمان سنة ٢٩ هـ، فوجَّه جيشًا إلى سجستان فافتتحها صلحًا، وافتتح الدوار وغيرها، قُتل عثمان وهو على البصرة، شهد وقعة الجمل ولم يحضر صفِّين، ولاه معاوية البصرة ثلاث سنين بعد اجتماع الناس على خلافته، ثم صرفه منها، فأقام في المدينة ومات بمكة سنة ٥٩ هـ، دفن بعرفات، كان شجاعًا، سخيًا، وصولًا لقومه، رحيمًا، محبًا للعمران، هو أول من اتخذ الحياض بعرفة، وأجرى إليها العين، وسقى الناس الماء، قال الإمام عليّ: "ابن عامر سيد فتيان قريش"، ولما بلغ معاوية نبأ وفاته قال: "يرحم اللَّه أبا عبد الرحمن، بمن نفاخر ونباهي". للاستزادة راجع: تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢/ص ٢٦٦، طبقات ابن سعد ج ٥/ص ٣٠، البدء والتاريخ ج ٥/ص ١٠٩، أشهر مشاهير الإسلام ص ٨٥٤، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٣/ص ٢٠٦.
(٣) ابن كثير، البداية والنهاية ص ١٥٤.
(٤) أيذج: كورة وبلد بين خوزستان وأصبهان، وهي في وسط الجبال، يقع بها ثلج كثير، زرعهم على الأمطار، لهم بطيخ كثير، وهي كثيرة الزلازل، وبها معادن كثيرة، وبها بيت نار قديم كان يوقد إلى أيام الرشيد.
(٥) الرُّجْلة: القوة على المشي. [القاموس المحيط، مادة: رَجَلَ] .
(٦) رجالًا: أي ماشين. [القاموس المحيط، مادة: رَجَلَ] .
(٧) ثقله: أمتعته وأثقاله كلها.
(٨) هو عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد بن دهمان أبو عبد اللَّه، الثقفي، من أهل الطائف، أسلم في وفد ثقيف، استعمله النبي ﷺ على الطائف، فبقي في عمله لأيام عمر، المتوفى سنة ٥١ هـ، وهو الذي منع ثقيفًا عن الردَّة، خطبهم فقال: "كنتم آخر الناس إسلامًا فلا تكونوا أولهم ارتدادًا". للاستزادة راجع: طبقات ابن سعد ج ٥/ص ٦٦، جمهرة الأنساب ص ١١٨، تهذيب التهذيب ج ٧/ص ٦٧، تقريب التهذيب ج ٢/ص ٩٠، خلاصة تهذيب الكمال ج ٢/ص ١٣، الكاشف ج ٢/ص ٥٥، تاريخ البخاري الكبير ج ٦/ص ٨٠، تاريخ البخاري الصغير ج ١/ص ١١٢، الجرح والتعديل ج ٦/ص ٢٠٠، البداية والنهاية ج ٨/ص ١٥٥، الثقات ج ٣/ص ٣٠١، أُسد الغابة ج ٣/ص ٢٦٧، تجريد أسماء الصحابة ج ١/ص ٣١٠، الإصابة ج ٤/ص ٢٢٥، الاستيعاب ج ٣/ص ١١٢، سير الأعلام ج ٢/ص ١١، أسماء الصحابة الرواة ترجمة ص ٩٥.
(٩) هو عمير بن سعد بن عبيد الأوسي، الأنصاري، صحابي من الولاة الزُّهَّاد، وكان عمر يقول: "وددت أن لي رجالًا مثل عمير بن سعد أستعين بهم على أعمال المسلمين". وفي تقريب التهذيب: "كان عمر بن الخطاب يسميه "نسيج وحده" وهي كلمة تطلق على الفائق". للاستزادة راجع: الإصابة ترجمة ٦٠٣٨، صفة الصفوة ج ١/ص ٢٨٠، حلية الأولياء ج ١/ص ٨٥، تهذيب الكمال ج ٢/ص ٧٦، تهذيب التهذيب ج ٨/ص ١٦٥، تقريب التهذيب ج ٢/ص ٢٦٠، خلاصة تهذيب الكمال ج ٢/ص ٣٠٠، تعجيل المنفعة ج/ص ٤٠٠، تاريخ البخاري الكبير ج ٦/ص ١١٠، تاريخ البخاري الصغير ج ١/ص ٢٠٠، الجرح والتعديل ج ٦/ص ٣٧١، الثقات ج ٣/ص ١٥٣، أُسد الغابة ج ٢/ص ٢٥٠، الاستيعاب ج ٣/ص ٢٠١.
(١٠) هو عبد اللَّه بن معمر بن عثمان التيمي القرشي، أمير من القادة الشجعان الأشداد، ومن أجواد قريش، ولاه عثمان بن عفان قيادة جيش الفتح في أطراف اصطخر، ونشبت معارك استشهد في إحداها، وبلغ من قوته أنه كان يأخذ عظم البقر الشديد الذي لا يكسر إلا بالفؤوس فيكسره بيده ويأخذ مخَّه. للاستزادة راجع: الإصابة ترجمة ٥٣١٩، ابن الأثير، الكامل في التاريخ أحداث سنة ٢٣.
(١١) هو عاصم بن عمرو التميمي، أحد الشعراء الفرسان، من الصحابة، له أخبار وأشعار في فتوح العراق، أبلى في القادسية البلاء الحسن. للاستزادة راجع: الإصابة ترجمة ٤٣٤٩.
(١٢) هو عدِّي بن حاتم بن عبد اللَّه بن سهيل بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أحزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ، أبو طريف، الطائي، المتوفى سنة ٦٨ هـ وله من العمر ١٢٠ سنة، صحابي شهير ممن ثبت على الإسلام وحضر فتوح العراق وحروب علي. للاستزادة راجع: تهذيب الكمال ج ٢/ص ١٢٠، تهذيب التهذيب ج ٧/ص ٢٨٢، تقريب التهذيب ج ٢/ص ١٠، خلاصة تهذيب الكمال ج ٢/ص ٣١١، الكاشف ج ٢/ص ١١١، تعجيل المنفعة ج ١/ص ١٦، تاريخ البخاري الكبير ج ٧/ص ٢٢٠، تاريخ البخاري الصغير ج ١/ص ٣٠١، الجرح والتعديل ج ٧/ص ٢٦٥، الثقات ج ٣/ص ١١٠، أُسد الغابة ج ٤/ص ٢٢٥، تجريد أسماء الصحابة ج ١/ص ٣١٢، الإصابة ج ٤/ص ٦٥، الاستيعاب ج ٣/ص ٢٠٠، أسماء الصحابة الرواة ترجمة ٤٩، طبقات ابن سعد ج ١/ص ٢٠٩.
(١٣) ورد في الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج ٢/ص ٦٠٥: "أمين"، وفي ابن الأثير، الكامل في التاريخ: "أُمَيْر".
(١٤) الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج ٢/ص ٦٠٥، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٢/ص ٤٩٢.
1 / 68