Usman Ibn Affan: Tsakanin Khalifanci da Mulki
عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك
Nau'ikan
عاد أهل مصر إلى بلدهم، لكنهم ما لبثوا أن أقبلوا إلى المدينة في شوال من هذه السنة، وخرج في نفس الوقت جموع من الكوفة والبصرة، وأظهروا أنهم يريدون الحج حتى لا يتعرض أحد لهم، فلما جاءوا إلى المدينة رأوا عليا وطلحة والزبير، فعرض وفد مصر على علي بن أبي طالب أن يبايعوه فأبى وأمرهم بالانصراف عنه، وقدم وفد البصرة على طلحة فصدهم عنه. فعادوا يجرون أذيال الخيبة، وقدم وفد الكوفة على الزبير فخيب ظنهم.
تظاهرت وفود الأمصار الثائرة بالعودة إلى بلادهم حتى يفترق أهل المدينة، لكنهم ما لبثوا أن كروا راجعين، وفوجئ أهل المدينة بهؤلاء الثوار مكبرين في أرجاء بلدهم، وضربوا حصارا حول دار عثمان وأعلنوا أن من كف يده فهو آمن، فلزم الناس بيوتهم .
أخذ كل من علي بن أبي طالب وطلحة والزبير يسأل الثوار عن سبب رجوعهم إلى المدينة، فأجاب أهل مصر عليا بقولهم: أخذنا مع بريد كتابا بقتلنا. وقال البصريون والكوفيون مثل ذلك لطلحة والزبير، وأضافوا: نحن ننصر إخواننا ونمنعهم جميعا. وقد روى الطبري قصة ذلك الكتاب فقال: إنما رد أهل مصر إلى عثمان بعد انصرافهم عنه أنه أدركهم غلام لعثمان على جمل له بصحيفة إلى أمير مصر أن يقتل بعضهم وأن يصلب بعضهم، فلما أتوا عثمان قالوا: هذا غلامك. قال: غلامي انطلق بغير علمي. قالوا: جملك. قال: أخذه من الدار بغير أمري، قالوا: خاتمك. قال: نقش عليه.
لما تحقق عثمان من خطورة الحالة بالمدينة ورأى نفسه عاجزا عن إخماد حركة الثوار، بعث بكتب إلى الأمصار يطلب فيه المدد والنجدة. وجاء في هذه الكتب: «بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد فإن الله - عز وجل - بعث محمدا بشيرا، فبلغ عن الله ما أمره به، ثم مضى وقد قضى الذي عليه، وخلف فينا كتابا فيه حلاله وحرامه وبيان الأمور التي قدر فأمضاها على ما أحب العباد وكرهوا، فكان الخليفة أبو بكر - رضي الله عنه - وعمر رضي الله عنه، ثم أدخلت في الشورى من غير علم ولا مسألة ولا ملأ من الأمة، ثم أجمع أهل الشورى عن ملأ منهم، ومن الناس على غير طلب مني ولا محبة فعملت فيهم ما يعرفون ولا ينكرون تابعا غير مستتبع، متبعا غير مبتدع، مقتديا غير متكلف. فلما انتهت الأمور وانتكث الشر بأهله بدت ضغائن وأهواء على غير إجرام ولا ترة فيما مضي إلا إمضاء الكتاب، فطلبوا أمرا وأعلنوا غيره بغير حجة ولا عذر، فعابوا علي أشياء مما كانوا يرضون وأشياء عن ملأ من أهل المدينة لا يصلح غيرها، فصبرت لهم نفسي وكففتها عنهم منذ سنتين، وأنا أرى وأسمع، فازدادوا على الله - عز وجل - جرأة حتى أغاروا علينا في جوار رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وأرض الهجرة، وثابت إليهم الأعراب، فهم كالأحزاب أيام الأحزاب أو من غزانا بأحد إلا ما يظهرون، فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق.»
وعلى الرغم من وجود الثوار بالمدينة، فإن عثمان ظل فترة يخرج إلى المسجد يصلي بالناس كما كان يصلي بهم من قبل؛ فقصد المسجد ذات يوم، ثم جلس على المنبر ووجه حديثه إلى الثوار بقوله: يا هؤلاء العدى، الله الله، فوالله إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد
صلى الله عليه وسلم ، فامحوا الخطايا بالصواب فإن الله - عز وجل - لا يمحو السيئ إلا بالحسن. فقام محمد بن مسلمة وقال: «أنا أشهد بذلك.» وتصدى له حكيم بن جبلة وأرغمه على السكوت والقعود. ثم قام زيد بن ثابت وطلب الاطلاع على الكتاب الذي زعم الثوار أن عثمان كتبه وبعث به إلى وليه على مصر. لكن الثوار سرعان ما هبوا في وجهه وثارت ثائرتهم، فحصبوا الناس حتى اضطروهم إلى الخروج من المسجد، ثم تحولوا إلى عثمان فحصبوه حتى سقط من فوق المنبر مغشيا عليه؛ فحمله بعض المسلمين إلى داره.
ولما أفاق من وعكته؛ خرج إلى المسجد يصلي بالناس، واستمر على ذلك عشرين يوما أو ثلاثين يوما في بعض الروايات حتى حال الثوار بينه وبين الخروج إلى المسجد، وعهدوا بالصلاة إلى زعيمهم الغافقي بن حرب العكي، الذي أعلن المصريون والكوفيون والبصريون طاعتهم له. ثم بعث الثوار إلى عثمان برسالة جاء فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فاعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فالله الله؛ ثم الله الله، فإنك على دنيا، فاستتم إليها معها آخرة، ولا تلبس نصيبك من الآخرة، فلا تسوغ لك الدنيا، واعلم أنا والله لله نغضب، وفي الله نرضى، وإنا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تأتينا منك توبة مصرحة ...» وما لبث الثوار أن أعادوا الكرة على عثمان، فبعثوا إليه وفدا من قبلهم ولما التقى هذا الوفد بعثمان عاتبه على كتابه إلى واليه بمصر؛ فنفى عثمان صدور هذا الكتاب عنه، فقال له أعضاء الوفد: اعزل عنا عمالك الفساق، واستعمل علينا من لا يتهم على دمائنا وأموالنا واردد علينا مظالمنا، فأجابهم عثمان بقوله: ما أراني إذن في شيء إن كنت أستعمل من هويتم، وأعزل من كرهتم. الأمر إذن أمركم! فقالوا: والله لتفعلن أو لتعزلن أو لتقتلن، فانظر لنفسك أو دع. فأبى عليهم وقال: لم أكن لأخلع سربالا سربلنيه الله.
وهكذا أراد الثوار حسم الأمر، فخيروا عثمان بين أن يمحو مظالمهم أو ينزل عن الخلافة، وإلا قتلوه. فأبى عثمان تحقيق الأمرين الأول والثاني. وكان الثوار قد طالت بهم الإقامة في المدينة، وأرادوا أن يحققوا ما قدموا من أجله، ومن ثم أخذوا يشددون الحصار على عثمان ليرغموه على النزول عن الخلافة.
لم يكن عثمان يظن أن من بين المسلمين من يقدم على قتل خليفتهم، ويتضح لنا ذلك من قوله لأصحابه: «ولم يقتلونني وقد سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
Shafi da ba'a sani ba