Usman Ibn Affan: Tsakanin Khalifanci da Mulki
عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك
Nau'ikan
واختيار عمر هؤلاء الستة يقف النظر. فليس بينهم واحد من أنصار المدينة ولا من غيرهم من قبائل العرب. بل هم جميعا من المهاجرين ومن قريش. مع ذلك لم يثر اختيار عمر إياهم ثائرة الأنصار ولا ثائرة غيرهم من العرب الذين أقبلوا أفواجا إلى المدينة بعد فريضة الحج، وظلوا بها بعد مقتل عمر حتى بايعوا خليفته. واطمئنان الأنصار وغيرهم من العرب إلى اختيار عمر هؤلاء الستة يعيد إلى الذاكرة ما حدث في سقيفة بني ساعدة إثر وفاة النبي، وحين كان جثمانه لا يزال في بيته لما يثو في قبره؛ فقد أراد الأنصار أن يكون الأمر لهم بعد رسول الله، وكان أكثرهم اعتدالا من يقول: «منا أمير ومن قريش أمير.» فلما قدم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة إلى السقيفة يجادلون الأنصار فيما يطلبونه لأنفسهم كان مما قاله أبو بكر: «نحن المهاجرون، وأنتم الأنصار، إخواننا في الدين، وشركاؤنا في الفيء وأنصارنا على العدو. أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، وأنتم أجدر بالثناء من أهل الأرض جميعا. فأما العرب فلن تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش؛ فمنا الأمراء ومنكم الوزراء.»
أصبحت هذه الكلمة دستور الخلافة والحكم بين المسلمين قرونا حسوما منذ قالها أبو بكر؛ لذلك لم يعترض أحد استخلاف أبي بكر عمر، ولم يعترض أحد اختيار عمر الشورى بين هذا الحي من قريش، بل اطمأن له الأنصار واطمأن له العرب جميعا، وتركوا للستة أن يختاروا من بينهم من يرضونه خليفة لجماعة المسلمين.
لماذا ترك عمر الخلافة لاختيار الشورى ولم يستخلف واحدا بعينه من الستة الذين عينهم متأسيا بأبي بكر حين استخلفه؟
تجري بعض الروايات بأن سعد بن زيد بن عمر قال لعمر: «إنك لو أشرت برجل من المسلمين ائتمنك الناس.» فأجاب عمر: «إني قد رأيت من أصحابي حرصا سيئا.» وهذا الجواب يشهد بأنه خشي إن هو استخلف واحدا بذاته أن يدفع الحرص غيره إلى منافسته، فلا تجتمع كلمة المسلمين فيثور بينهم خلاف تخشى مغبته. ويرى بعضهم أن عمر لم ير واحدا من الستة أفضل من سائرهم، فلم ير أن يحمل أمام ربه وزر مشورة لا يطمئن إليها قلبه كل الاطمئنان. أم تراه خشي حين طعن أن يسرع إليه حينه قبل أن يجمع كلمة المسلمين على واحد منهم، فترك الأمر للشورى يتمون ما لم يجد هو فسحة من الوقت لإتمامه. هذه كلها فروض يتعذر على المؤرخ أن يرجح أحدها، وإن وجب أن يضاف إليها ما روي عن عمر أنه قال: «لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته وقلت لربي إن سألني: سمعت نبيك يقول: إنه أمين هذه الأمة. ولو كان سالم مولي أبي حذيفة حيا لاستخلفته وقلت لربي إن سألني: سمعت نبيك يقول: إن سالما شديد الحب لله تعالى.» أفتعني هذه العبارة أنه كان يفضل أبا عبيدة وسالما على الستة الذين جعل الشورى فيهم، وأن هؤلاء الستة كانوا عنده سواء؟
على أنك تستطيع أن تجد تأويلا آخر لتصرف عمر؛ ذلك أنه لم يرد أن يلقي على أحد هؤلاء الستة عبء الخلافة وقد بلا من ثقله ما أجهده. روي أنه قال لعبد الرحمن بن عوف أول ما أفاق من طعنته: «إني أريد أن أعهد إليك» قال عبد الرحمن: «يا أمير المؤمنين إن أشرت علي قبلت منك.» فسأله عمر: «وما تريد؟» قال عبد الرحمن: «يا أمير المؤمنين أنشدك الله، أتشير علي بذلك؟» وأجابه عمر: «اللهم لا.» وكانت كلمة عبد الرحمن بعد هذه المشورة أن قال: «والله لا أدخل في هذا أبدا.» فقال عمر: «فهب لي صمتا حتى أعهد إلى النفر الذي توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وهو عنهم راض.»
أيا ما يكون الدافع الذي منع عمر من أن يستخلف، وجعله يسمي الشورى ليختاروا الخليفة من بينهم، فقد دلت الحوادث من بعد على صدق رأيه.
فقد اجتمع أصحاب الشورى لأول ما سماهم فإذا هم يختلفون، فيقول لهم عبد الله بن عمر: «أفتؤمرون وأمير المؤمنين حي؟» وسمع عمر هذه العبارة فناداهم: «أمهلوا، فإن حدث بي فليصل بكم صهيب
2
Shafi da ba'a sani ba