Cunwan Tawfiq
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Nau'ikan
قال ممثل يعقوب عليه السلام: رضيت بإرساله ليلبث فيكم قليلا ثم يعود، وحسبي الله في من أقدم على نقض العهود.
وحينئذ مضى يعقوب عليه السلام، فقام أحد أبنائه، كأنما نشط من عقال وخاطب إخوته في شأن يوسف وقال: حتام تغشانا من الذل غمرات، ونتغاضى عن صرائح الحقائق ونصائح الإشارات، ضربت علينا الذلة والمسكنة، وأصبحت سجية الجبن من قلوبنا متمكنة، يمن علينا يوسف برؤياه منا، غير مكتف بكونه أحب إلى أبينا منا، فيا أيها الإخوة (نداء من استفزته الأريحية والنخوة)، لقد علمتم أن أبانا لفي ضلال، كما أن أخانا يتهم وينجد في أودية الدلال، فإن آثرتم أن لا تذهب ريحكم، وأن يسير مسير البدر ليلة كماله مديحكم، فاقتلوه قتل أولي الباس، أو ألبسوه من الغربة عن الوطن شر لباس، وما أظنكم ترضون بالذل والهوان، وتغضون الطرف عما أتاه يوسف من العدوان، وأنتم عصبة اعتصبتم من الاتحاد بعصابة، وأصبتم محجة الرشاد أيما إصابة.
قال قائل منهم: حاشا لله أن نحتمل ضيم الآباء، ونصبر على ما جاء به يوسف من الأنباء، وقد استرضينا أباه ليرسله إلى هذا المقام، حتى نجرد له متى قدم حسام الانتقام، فيرى أن أحلامه لا تستطيع له إنقاذا، ويود لو أنه اتخذ الاعتدال ملجأ وملاذا، ثم نجيء بدم كذب على قميصه، ليعلم أبوه أن الذئب أراغه بصفة قنيصه، لا زالت أيها الأخ في مشورتك الصادقة أهدى من القطا، تصونك أصالة الرأي عن الخطل والخطا.
ثم رأى بعضهم يوسف قادما، فانتدب يقول (غير ناظر لما تضمنه قوله بعين المعقول): قد قدم إليكم أيها الإخوة الأنجاب، صاحب الأحلام يختال في حلة الإعجاب، فاقتلوه أو اطرحوه أرضا، يخل لكم وجه أبيكم ثم تقضوا من التوبة فرضا، فإن الذل خطة لا يرضاها الحر لنفسه، وإن أطعتموني فألحقوا حاضر يومه بغابر أمسه.
فأخذه بعضهم ، فجلد به الأرض، ثم جثم على صدره وقال له: قل لرؤياك تخلصك من أيدينا، أو تمكنك من كونك تراوحنا من بعد وتغادينا، إذ ليس للمترفع عن الجوزاء سوى القتل وايم الله جزاء.
فاستغاث يوسف براءوبين، فتشفع فيه لدى إخوته بقوله:
بالله إلا ما حقنتم ماء وجهي بحقن دمه، وقدرتم أنه لم يفد إليكم ساعيا على قدمه، أو ليست صلة الأخوة جامعة بينكم وبينه، تناجيكم بلسان الحال أن اتقوا فراقه وبينه، وإلا فإن أجمعتم على قتله، وعزمتم على انتهاج طرق الغدر وسبله، فكيف تلاقون أباه وقد أحرقتم بنار الجوى كبده، أو تخاطبونه بلسان وقد نقضتم ذمته وعهده، فامحوا من صفات قلوبكم بعض آثار الحب، وألقوه إن كنتم فاعلين في غيابة الجب. (ثم جاءت سيارة، فعقب قوله بهذه العبارة).
وإن شئتم أن تضيعوه، فبيعوه لأولئك التجار، واقضوا ببيعه ما في أنفسكم من لبانات وأوطار.
قال قائل منهم: إن لأخينا هذا من رحمة الأخوة أوفر نصيب، وسهم مشورته في هذا الصدد مصيب، فلا بأس من الأخذ بآرائه، ومخابرة أولئك السيارة في بيع يوسف وشرائه.
الفصل الثاني: في بيع يوسف للإسماعيليين
Shafi da ba'a sani ba