Cunwan Tawfiq
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Nau'ikan
أما بعد ... فلما كان علم الصرف محله من العربية محل الروح من الجسد، والضياء من العين، أعمل الفضلاء في تحصيله اليعملات، وأسهروا في تدوينه العين، فوطدوا قواعده وقيدوا شوارده، وأصفوا موارده، وأرووا صادره ووارده، فجاراهم في طريقهم، واندرج في عدد فريقهم، ظريف هذا الزمان، ونابغة هذا الآن، الذكي اللبيب، والجهبذ الأريب، ذو الفكر الثاقب واللب المتين، حضرة وهبي بك ناظر المدرسة بحارة السقائين، فصنف هذه الفكاهة الشهية، ومثل هذه النصة البهية، وحلاها بكل درة درية، وجلاها في الحلة العبقرية، فبرزت تثيبه بحسن مثالها على أمثالها، وخطرت تعجب بلطف شكلها على أشكالها، وشرع مؤلفها في طبعها بالمطبعة الكبرى الميرية ببولاق مصر المعزية، فانتهت بحمد الله على هذا السمت الحسن، تلعب بلب عاشقها فتمنعه الوسن، في ظل الحضرة الفخيمة الخديوية، وعهد الطلعة المهيبة البهية التوفيقية، حضرة من أفاض على رعيته غيوث الإنعام، وشملهم بنظر الرأفة والإكرام، العزيز الأكرم، والداوري الأفخم، الملحوظ بعين عناية مولانا العظيم العلي، أفندينا محمد توفيق بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي، لا زالت الأيام منيرة بشمس علاه، والليالي مضيئة ببدر حلاه، ولا برح هني البال بأشباله الكرام، فرح الفؤاد بأنجاله الفخام، مدى الليالي والأيام، ملحوظا هذا الطبع الجليل، والشكل الجميل، بنظر من عليه حسن أخلاقه، يثني حضرة وكيل الأشغال الأدبية بهذه المطبعة محمد بيك حسني .
وكان تمام طبعه وانجلاء بدره وكمال ينعه وابتسام زهره، في أواخر شهر الله المحرم الحرام عام سبعة بعد ثلاثمائة وألف من هجرة سيد الأنام عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم السلام، ما لا بدر تمام وفاح مسك ختام.
واختتم الكتاب بكلمة تقريظ ومدح أخرى، انتهت بأبيات مؤرخة لطباعة الكتاب، جاء فيها: ولما تم طبعه، وحسن وضعه، أرخه الأستاذ العلامة اللغوي المشهور، رب الفضل المأثور، الشيخ طه محمود، أحد المصححين بالمطبعة الأميرية، التي هي بكل مدح حرية، حيث قال - وأجاد في المقال: بسم الله الرحمن الرحيم. نحمدك الله حمد من صرفت جوارحهم في صحيح الأفعال، وصرفت جوانحهم عن أبنية النقص والاعتلال، فلم جمعهم أن يكسر، والتحق مصغرهم بالمكبر. ونصلي ونسلم على السادة الصفوة، أولي المكانة والحظوة، من سهرت لخشيتك أجفانهم، وملئت من الثقة بك أجفانهم.
أما بعد ... فإن «مرآة الظرف في فن الصرف» مؤلف من أصبح خدنا للغة العرب، وإلفا لفنون الأدب، حضرة الأستاذ وهبي بك مدرس اللغة المذكورة بمدرسة حارة السقائين المشهورة، كتاب سلك به مؤلفه في هذا الفن المسلك الحسن، وتلطفت فيه ما شاء، أرأيت تلطف الوسن، يبلغ به الصرفي منتهى أربه، ويتمتع منه الأديب بحسن أدبه، فلله أي منهج نهجه، وأي كتاب له بين كتب الصرف أرفع درجة، فما أحوج الطلاب إليه، وما أولاه بأن يعول عليه، فهو لعمري حسنة من حسنات الدهر، ومحاسن هذا العصر، وأقوى دليل واضح على ما للمصريين من السعي الناجح، والعقل الراجح، وأنهم من الفضل والأدب في ثروة، ومن سلسلة المجد في الذروة، وأن من سوى بهم غيرهم لم يقدرهم قدرهم، ففي هذا الكتاب، فليتنافس أولو الألباب، وليغتنموا حصته، ولينتهزوا فرصته، وليبادروا إلى خيره العاجل، وليسمعوا قول القائل:
بالعلم تستغني عن النور صاح
في حندس ما كنت أو في صباح
هل بالمعالي فاز إلا فتى
غدا إلى سوق المعاني وراح
أهل النهى هم سادة الكون لو
لا هم لما كان لشيء صلاح
Shafi da ba'a sani ba