Cunwan Tawfiq
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Nau'ikan
وقد تتلمذ في هذه المدرسة بطرس باشا غالي رئيس النظار ثماني سنوات، وعندما تخرج عمل بها أستاذا براتب قدره 700 قرش، وكان ناظر المدرسة وقتها يعقوب بك نخلة روفيلة.
20
ومن العجيب أن كنيسة الأقباط بحارة السقائين، ما زالت موجودة حتى الآن في موضعها، الذي بناها فيه أبو الإصلاح كيرلس الرابع، وهي كنيسة الملاك غبريال، التي ما زالت تؤدي دورها الديني! والعجب العجاب أن مدرسة الأقباط ما زالت موجودة وشامخة بجوار هذه الكنيسة بحارة السقائين أيضا، منذ أن بنيت عام 1875! ولكن بكل أسف موجودة كأطلال لا حياة فيها، حيث توقفت عن رسالتها التعليمية منذ سنوات قليلة، حيث تم إغلاقها كمدرسة تعليمية قبطية، وتفرق طلابها على بقية مدارس إدارة عابدين التعليمية، منذ عام 1998 فقط!
ففي صباح أحد أيام شهر يونيو 2004 ذهبت إلى حارة السقائين المتفرعة من شارع الشيخ ريحان بعابدين بالقاهرة، وهي حارة ضيقة نوعا ما، رغم امتدادها المتعرج الطويل، فوجدت بها كنيسة الملاك غبريال، وهي الكنيسة الوحيدة الموجودة في الحارة، وبابها الحديدي القديم كتب في أعلاه أن الكنيسة تم تجديدها عام 1882، وعندما دخلتها وجدت ساحة صغيرة فارغة، على يسارها مبنى الكنيسة الأساسي، وهو مبنى أثري قديم، رغم بعض التجديدات التي شوهت جماله التراثي القديم من الخارج. وعلى يمين الساحة مبنى من طابقين، وهو مبنى المدرسة القبطية التي أغلقت من ست سنوات. وطابقها الأول أو الأرضي مستغل الآن كحضانة، أما طابقها الثاني أو العلوي فمهجور ومغلق، ومنعت من صعوده أو رؤية ما بداخله من قبل العاملين بحراسة الكنيسة، الذين أخبروني بأن المدرسة كانت متكون من ثلاثة طوابق، وتم هدم الطابق الثالث منذ مدة ليست بالطويلة. كما وجدت في الساحة، صورتين كبيرتين زيتيتين مرسومتين، تم تعليقهما على الجدار الخارجي للطابق الأرضي من المدرسة. الأولى لقداسة الباب كيرلس الرابع، ومكتوب أسفلها: البطريرك رقم 110 وتاريخ تقليده للبطريركية من 17 / 4 / 1853 إلى 30 / 1 / 1861، والأخرى لقداسة البابا كيرلس الخامس، ومكتوب أسفلها أيضا: البطريرك رقم 112 وتاريخ تقلده للبطريركية من 1 / 11 / 1874 إلى 7 / 8 / 1927.
وشعرت بفرح شديد عندما علمت أن مدرسة الأقباط بحارة السقائين، التي عمل بها تادرس وهبي مدرسا فناظرا لها، كانت تؤدي رسالتها التعليمية حتى 1998. فهذا يعني أن إدارة عابدين التعليمية التي كانت المدرسة تابعة لها، تعلم عن المدرسة شيئا أو عن تاريخها أو أو ... إلخ. فذهبت في اليوم نفسه إلى المسئولين في إدارة عابدين، ويا ليتني ما فعلت! فعندما كنت أسأل أحدهم عن هذه المدرسة، التي أغلقت منذ ست سنوات، كان يقول: «ياه! من ست سنين وجاي تسأل عنها دلوقتي!» فيا ترى ماذا سيكون رده لو علم أنني أبحث عنها من أجل أستاذ وناظر، كان يعمل فيها منذ مائة وعشرين سنة!
وبعد مشقة كبيرة، أخبرني أحد الموظفين بأن أذهب إلى إدارة المباني بالإدارة التعليمية، لعلني أجد إجابة عن هذه المدرسة. فذهبت ولم أجد من يستمع لي! فقال آخر: اذهب إلى إدارة كذا، ولم أجد غير الضحك والسخرية، عندما أبنت أنني أبحث عن ناظر لهذه المدرسة كان يعمل منذ أكثر من قرن مضى، فرد علي أحد الموظفين: «طيب اسأل عنه، مش يمكن يكون لسه عايش؟» ... إلخ التعليقات المحبطة! حتى لاحظت إحدى الموظفات، واسمها يدل على أنها نصرانية، قالت لي: اذهب إلى البطرخانة بالعباسية؛ لأن هذه المدرسة كانت معانة من قبل الأقباط، فاستحسنت رأيها الذي أثلج صدري بعد يأس كبير.
وفي اليوم التالي ذهبت إلى البطرخانة بالعباسية. والحق يقال، فقد تم استقبالي على أحسن وجه ممكن أن يقابل به أي مواطن من قبل الموظفين! وقابلت شخصين يعملان في سكرتارية ديوان البطرخانة، وشرحت لهما الموقف كله، وأنا في حرج شديد باعتباري أحد المسلمين، يريد أن يكتب عن أحد النصارى! والحقيقة أن استقبالهما وحوارهما معي أزال هذا الحرج، وشعرت للمرة الأولى بمعنى التسامح الديني بين المسلمين والنصارى بصورة عملية! وعندما علما بموضوعي، راح كل فرد منهما يبحث في أوراقه وملفاته عن خيط يؤدي بنا إلى معرفة المزيد عن تادرس وهبي، ولكن بكل أسف دون جدوى! فعلى سبيل المثال، تم البحث في كشف المقابر القبطية في مصر، لعلنا نجد مقبرة باسمه، ومن خلالها نعلم من هم ورثته أو أولاده، ولكننا فشلنا في هذا. وذهب أحدهما إلى رئيس الديوان لعله يعلم شيئا عن هذا الرجل، دون جدوى أيضا. وفي النهاية أخذ الموظفان عنواني وطرق الاتصال الخاصة بي، لعلهما يجدان شيئا مفيدا قريبا، فيسارعان بإخباري به. ولكن للأسف حتى كتابة هذه السطور لم يصلني أي شيء منهما!
هذه هي قصتي مع مدرسة الأقباط بحارة السقائين، أردت ذكرها بصورة تفصيلية ليشعر القارئ بقيمة وأهمية التاريخ الذي يضيع بين أيدينا، وليشعر أيضا مدى المعاناة التي يتكبدها الباحث وراء المعلومة. فكنت أتمنى أن أجد كل شيء عن هذه المدرسة، حتى تكون خلفية لدور تادرس وهبي، والذي عمل أستاذا وناظرا لها منذ مائة وعشرين سنة، ذلك الدور الكبير، الذي سنحاول التعرف عليه من خلال مؤلفاته.
مؤلفاته
أجمعت بعض المراجع التي كتبت عن تادرس وهبي - بصورة مقتضبة جدا - أن مؤلفاته تتمثل في الكتب الآتية: «الأثر الجليل في رثاء إسماعيل»، «الأثر النفيس في تاريخ بطرس الأكبر ومحاكمة ألكسيس»، «بهجة النفوس في سيرة أرتيينيئوس»، «تاريخ مصر مع فلسفة التاريخ»، «التحفة الوهبية في اللغة الفرنسية»، «الخلاصة الذهبية في اللغة العربية»، «الدر الثمين في تاريخ المرشال طورين»، «الدروس الابتدائية في اللغة القبطية»، «ديوان شعره وخطبه»، «رسالة الاختراعات الحديثة»، رواية «تليماك»، «العقد الأنفس في ملخص التاريخ المقدس»، «عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق»، «كتاب في فنون الأدب»، «مرآة الظرف في فن الصرف».
Shafi da ba'a sani ba