Cunwan Tawfiq
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Nau'ikan
قال بعض الإخوة: لله هذا الصاحب، فقد أعرب عما في ضمائرنا، وأغرب في التسلية فشرح صدر أولنا وآخرنا، فناهيك أيها الأخ عظة بمقاله، وقدوة بمثاله البديع وأمثاله، وما لنا نجزع على وفاة الوالد عليه السلام، ولا نطمع في الحصول بالعمل الصالح على حسن الختام، وله تعالى وحده الملك والملكوت، ومآل كل حي في الدنيا أن يموت ويفوت.
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكل نعيم لا محالة زائل
فلنكن يدا واحدة في إنجاز وصية الوالد وعهده، وننقل جثته من مصر إلى قبر أبيه وجده، لتكون جامعة عظام آبائنا بلاد كنعان، قياما بحب الوطن الذي حبه من الإيمان.
قال ممثل يوسف عليه السلام: هلم بنا نقبل على إخلاص الولاء، ونتمسك بعروة مراعاة شئون الوفاء، ولكم عزمت أن أفتتح باب الحديث في هذا المقام، وهممت أن أقوم بوفاء العهد أيما قيام، فرأيت أني عن إبداء هذه الملاحظة لفي عقال، وكأني أسير لا يطلق إلى ساحة الحرية المقال، وقد بعث الله لي منكم معينا على إنجاز تلك الأمنية، التي أوشك أن يبوح بها يقينا لسان حال النية، فينبغي علينا أن نقوم والحالة هذه بحفظ الذمام، ونحتفل بتشييعه سعيا على الأحداق لا سعيا على الأقدام، بلغنا الله الأوطار بالرحلة إلى تلك الأوطان، وحقق ما وعد به آباءنا فيما غبر من الزمان، إن الله لا يخلف الميعاد، وإليه تبارك وتعالى المرجع والمعاد.
خاتمة وعظية وصفية لمجمل السيرة اليوسفية
بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لمن أطلع في آفاق بصائر المؤمنين أضواء الهداية، ونزه عباده المخلصين عن موارد الغواية، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء، الذين هدوا الخلق بما جاءوا به من الأنباء. أما بعد ... فيا أيها الناس، أما فيكم ذاكر غير ناس، أو حبيب مواس، أو طبيب للأرواح آس، حتام ترتعون في نضير روضة الآثام ، ولا ترتاعون لنذير زئير قسورة الحمام، تطلقون يد الأفكار في اقتطاف اللذات، وتنفقون نقد الأعمار في اقتراف السيئات، تزدهيكم عروس الدنيا الفانية، وتلهيكم عن الصواب أغنية وغانية، طالما شهدتهم الجنائز بعين الإغضاء، وقرع الوعظ أسماعكم فأعرتموه أذنا صماء، كأنما خطرت على أفهامكم خواطر أوهام، ولم تدركوا أن سحاب الأماني سحاب جهام، فهلا قطعتم بمدى العزائم علائق الآمال، ووردتم شريعة الإنابة قبل حلول الآجال، وعلمتم أن العمل الصالح تجارة لن تبور، وأن الله عز وجل يبعث ما في القبور، فيا لها من ساعة تخشع فيها الأبصار، وتخضع الجبابرة أمام الواحد القهار، ولا تنفع المرء حينئذ حماة ولا أنصار، ساعة تبيض فيها وجود وتسود وجوه، ويفوز من يرجو رضوان الكريم بما يرجوه، ساعة تكفهر فيها وجوه الفجرة اكفهرارا، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، فرحم الله امرأ انتهز الفرصة قبل الفوات، وعالج بداء التوبة الخالصة داء الهفوات، وكان ممن سمع المواعظ بأذن واعية، ولاحظ العبر بعين مراعية، وكيف لا يتعظ العاقل بمن مضى من القرون، ولا يتيقظ الغافل لمآل كسرى وقيصر وقارون، وقد أصبح أثرهم مدثورا، وجعل الله ما عملوا من عمل هباء منثورا، فلأقسم برب الأرباب، الذي فطر السموات والأرض، وقدر العقاب والثواب، وهو الفاعل المختار يوم العرض، أن المرء لينظر ما قدمت يداه، والسعيد من ابتاع دينه بنقد دنياه، نسأله تعالى أن ينير بمشكاة يقينه منا البصائر، ويحشرنا مع من أوتي كتابه بيمينه يوم تبلى السرائر، آمين.
يا من يجيب إذا دعاه
داع له يبغي رضاه
Shafi da ba'a sani ba