
ثم إن الغزال انتقلث بما بقي من أولادها تبتغى لها جحرا آخر، وإن اللبوة خرجث ذات يوم تطلب صيدا وتركث شبلها، فمر به فارس، فلما رآه حمل عليه فقتله، وسلح جلده وأخذه، وتركك لحمة وذهب. فلما رجعت اللبوة ورأث شبلها مقتولا مسلوحا رأث أمرا فظيعا، فامتلأث غيظا وناحث نوحا عاليا، وداخلها هم شديد، فلما سمع القرد صوتها أقبل عليها مسرعا فقال لها : وما دهاك؟
فقالب اللبوة: مر صياد بشبلي فقعل به ما ترى.
ققال لها: لا تجزعي ولا تحزني، وانصفي من نفسلي واصبري من غير كما صبر غير منك، فكما يدين الفتى يدان، وجزاء الدهر بميزان، ومن بذر حبا في أرض فبقدر بذره يكون الثمر، والجاهل لا يبصر من أين تأتيه سهام القدر، وإن حقا عليك أن لا تجزعى من هذا الأمر، وأن تتذرعي له بالرضى والصبر.
فقالت اللبوة: كيف لا أجزع وهو قرة العين، وواحد القلب، ونزهة الفكر؟ وأي حياة تطيب لي بعده؟
فقال لها القرد: أيتها اللبوة، ما الذى كان يغديك ويعشيك؟
قالت: لحوم الوحوش.
قال القرد: أما كان لتلك الوحوش التي كنب تأكلينها آباء وأمهاي؟
~~قالت: پلى.
قال القرد: فما بالنا لا نسمع لتلك الآباء ولا الأمهات صياحا وصراخا كما سمع منك؟ ولقد أنزل بك هذا الأمر جهئك بالعواقب، وعدع تفكر فيها، وقد نصحشي حين حقرت حق الجوار، وألحقت بنفسي العار، وجاوزت بقوتلي حد الإنصاف، وسطوت على الظباء الضعاف، فكيف وجدت طعم مخالفة الصديق الناصح؟
قالت اللبوة: وجدته مر المذاق.
ولما علمي اللبوة أن ذلك بما كسبث يداها من ظلم الوحوش، رجعث عن صيدها ورمث نفسها باللوم، وصارت تقنع بأكل الثبات وحشيش القلوات .
Shafi 171