بعد المغرب، وإن كان مفطرًا صلى من المغرب إلى عشاء الآخرة، فإذا صلى العشاء الآخرة نام إلى نصف الليل أو بعده، ثم قام كأن إنسانًا يوقظه، فيتوضأ ويصلي إلى قرب الفجر، وربما توضأ في الليل سبع مرات أو أكثر، فقيل له في ذلك؟ فقال: ما تطيب لي الصلاة إلا ما دامت أعضائي رطبة، ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر، وهذا دأبه.
وقال الضياء: سألت خالي الإِمام موفق الدين عن الحافظ؟ فكتب
بخطه، وقرأته عليه:
كان جامعًا للعلم والعمل، وكان رفيقي في الصبا، وفي طلب العلم وما كنا نستبق إلى خير إلا سبقني إليه إلا القليل، وكمل الله فضيلته بابتلائه بأذى أهل البدعة، وعداوتهم إياه، وقيامهم عليه، ورزق العلم، وتحصيل الكتب الكثيرة، إلا أنه لم يعمر حتى يبلغ غرضه في روايتها ونشرها،﵀.
وقال نصر بن رضوان المقرى: ما رأيت أحدًا على سيرة الحافظ، كان مشتغلًا طول زمانه.
وقال الضياء: وكان قد ضعف بصره من البكاء، والنسخ، والمطالعة، وكتب بخطه المتقن مالا يوصف كثرته، ولم يزل ينسخ ويصنف، ويحدث ويفيد المسلمين، ويعبد الله حتى توفاه الله على ذلك.
قلت: نسخ الكثير- خاصة مصنفاته- بخطه المليح، الشديد السرعة، الغير منقوط غالبًا، وكثير مما نسخه إلى اليوم في المكتبة الظاهرية بدمشق، والتي نقلت فيما بعد إلى مكتبة الأسد الوطنية.
المقدمة / 38