الفصل الثاني: السيرة العلمية
١ - نشأته وطلبه
ولد الحافظ عبد الغني بجماعيل في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، وهو أسن من عميه الإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد ابن قدامة المقدس والشيخ أبي عمر بأربعة أشهر، وكان قدومهما مع أهلهما من بيت المقدس إلي مسجد أبي صالح خارج باب شرقي أولًا، ثم انتقلوا إلي السفح، فعرفت محلة الصالحية بهم، فقيل لها: الصالحية فسكنوا الدير، وقرأ الحافظ القرآن، وسمع الحديث، وارتحل (١).
٢ - حفظه
أطبقت كلمة من رأى الحافظ أو ترجم له أنه لم يكن في وقته أحفظ منه، وأنه بلغ الغاية في ذلك، وقد كان ﵀ من الحفاظ المعدودين، وأخباره الدالة علي قوة حفظه، وصفاء ذهنه كثيرة جدًا.
قال عنه ابن النجار في "تاريخه" (٢): "حدث بالكثير، وصنف تصانيف حسنة في الحديث، وكان غزير الحفظ، من أهل الإِتقان والتجويد، قيمًا بجميع فنون الحديث، عارفًا بقوانينه، وأصوله، وعلله وصحيحه، وسقيمه، وناسخه ومنسوخه، وغريبه، وشكله، وفقهه، ومعانيه، وضبط أسماء رواته، ومعرفة أحوالهم".
قلت: وقد نقل الضياء كثيرًا من أخباره المبهرة في هذا الباب، ونقلها عنه كثيرٌ ممن ترجموا للحافظ، ومن هذه الأخبار.
_________
(١) انظر "البداية والنهاية" (١٣/ ٤٢).
(٢) كما في "الذيل" لابن رجب (٢/ ٩).
المقدمة / 32