حكى أبو العباس المبرد أن المأمون سمع منشدًا ينشد قول عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:
أأترك إن قلت دراهم خالد ... زيارته؟ إني إذًا للثيم
فقال: أو قد قلت دراهم خالد؟ احملوا إليه مائتي ألف درهم، فدعا خالد بعمارة، فقال: هذا مطر من سحابك، ودفع إليه عشرين ألفًا.
ووجد أبو جعفر المنصور على أحد الكتاب وأمر به ليضرب، فقال:
ونحن الكاتبون وقد أسأنا ... فهبنا للكرام الكاتبينا
فخلى سبيله إعجابًا ببديهته.
وحمل بعض العمال إلى يزيد بن معاوية مالًا جليلًا، فقطع عليه قسيم الغنوي فأخذه، وأمر يزيد بطلبه، فلما حصل بين يديه قال: ما حملك على الخروج علينا وأخذ مال يحمل إلينا؟ قال: إذنك يا أمير المؤمنين أعزك الله، قال: ومتى أذنت لك؟ قال: حين قلت وأنا أسمعك:
اعص العواذل وارم الليل عن عرض ... بذي سبيب يقاسي ليله خببا
كالسيد لم ينقب البيطار سرته ... ولم يدجه ولم يقطع له لببا
حتى تصادف مالًا أو يقال فتى ... لاقى التي تشعب الفتيان فانشعبا
فعصيت عواذلي، واسهرت ليلي، وأعلمت جوادي، فأصبت مالًا قال: قد سوغناكه فلا تعد.
وكان جميل بن محفوظ وأبو دهمان من عمال يحيى بن خالد، فوفد عليهما مرةً أبو الشمقمق واسمه مروان بن محمد فأكرمه أبو دهمان وأساء إليه جميل، فقال:
رأيت جميل الأزد قد عق أمه ... فناك أبو دهمان أم جميل
وتناظرا بعد ذلك في مال بين يدي يحيى بن خالد، فاستعلى جميل على أبي
1 / 70