بأي نجاد تحمل السيف بعد ما ... قطعت القوى من محمل كان باقيًا؟
بأي سنان تطعن القرن بعد ما ... نزعت سنانًا من قناتك ماضيًا؟
ألا لا تخافا نبوتي في ملمة ... وخافا المنايا أن تفوتكما بيا
فقد كنت نارًا يصطليها عدوكم ... وحرزًا لما ألجأتم من ورائيا
وباسط خير فيكم بيمينه ... وقابض شر عنكم بشماليا
وإني لعف الفقر مشترك الغنى ... سريع إذا لم أرض جاري انتقاليا
جريء الجنان لا أهاب من الردى ... إذا ما جعلت السيف من عن شماليا
وليست لسيفي في العظام بقية ... ولا السيف أشوى وقعة من لسانيا
وهذا الباب اكثر من أن يستقصى، ورغبتي في الاختصار، وإنما جئت منه ومن سواه بلمحة تدل على المراد، وتبلغ في ذلك حد الاجتهاد.
باب من فأل الشعر وطيرته
تفاءل حسان بن ثابت للنبي ﷺ بفتح مكة فقال في كلمته المشهورة يخاطب بذلك مشركي أهل مكة ويتوعدهم:
عدمنا خيلنا إن لم تروها ... تثير النقع موعدها كداء
يبارين الأعنة مصغيات ... على أكتافها الأسل الظماء
تظل جيادنا متمطرات ... يلطمهن بالخمر النساء
ورأيت من يستحسن يلطمهن من لطمت الخبزة إذا نفضت عنها الرماد، فلما كان يوم الفتح أقبل النساء يمسحن وجوه الخيل، وينفضن الغبار عنها بخمرهن، فقال قائل: لله در حسان إذ يقول، وأنشد الأبيات. وروى قوم أن الناس أمروا بالسير إلي كداء تفاؤلًا بهذا البيت ليصح؛ فكان الأمر كما قال.
1 / 67