191

Cumda a Kan Kyawawan Halaye na Waka da Dabaru

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

Editsa

محمد محيي الدين عبد الحميد

Mai Buga Littafi

دار الجيل

Lambar Fassara

الخامسة

Shekarar Bugawa

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

الذي لا مطعن فيه، ولا اعتراض عليه، وعلى قراءة من قرأ وطاء يكون معناه أثقل على فاعله، وإذا كان كذلك كان أكثر أجرًا، فهذا يشهد لنا أن العمل أول الليل يصعب؛ لأن النوم يغلب والجسم يكل.
وكان أبو تمام يكره نفسه على العمل حتى يظهر ذلك في شعره.. حكى ذلك عنه بعض أصحابه، قال: استأذنت عليه وكان لا يستتر عني فأذن لي فدخلت فإذا هو في بيت مصهرج قد غسل بالماء، يتقلب يمينًا وشمالًا، فقلت: لقد بلغ بك الحر مبلغًا شديدًا، قال: لا، ولكن غيره، ومكث كذلك ساعة ثم قام كأنما أطلق من عقال، قال: الآن وردت، ثم استمد وكتب شيئًا لا أعرفه، ثم قال: أتدري ما كنت فيه مذ الآن؟ قلت: كلا، قال: قول أبي نواس: كالدهر في شراسة وليان أردت معناه فشمس علي حتى أمكن الله منه فصنعت.
شرست، بل لنت، بل قانيت ذاك بذا ... فأنت لا شك فيك السهل والجبل
ولعمري لو سكت هذا الحاكي لنم هذا البيت بما كان داخل البيت؛ لأن الكلفة فيه ظاهرة، والتعمل بين، على أن مثل حكاية أبي تمام وأشد منها قد وقعت لمن لا يتهم، وهو جرير: صنع الفرزدق شعرًا يقول فيه:
فإني أنا الموت الذي هو ذاهب ... بنفسك، فانظر كيف أنت محاوله
وحلف بالطلاق أن جريرًا لا يغلبه فيه، فكان جرير يتمرغ في الرمضاء ويقول:
أنا أبو حزرة، حتى قال:
أنا الدهر يفنى الموت والدهر خالد ... فجئني بمثل الدهر شيئًا يطاوله
وكان أبو تمام ينصب القافية للبيت؛ ليعلق الأعجاز بالصدور، وذلك هو التصدير في الشعر، ولا يأتي به كثيرًا إلا شاعر متصنع كحبيب ونظرائه،

1 / 209