وقال معاوية ﵀: يجب على الرجل تأديب ولده، والشعر أعلى مراتب الأدب وقال: اجعلوا الشعر أكبر همكم، وأكثر دأبكم، فلقد رأيتني ليلة الهرير بصفين وقد أتيت بفرس أغر محجل بعيد البطن من الأرض، وأنا أريد الهرب لشدة البلوى فما حملني على الإقامة إلا أبيات عمرو بن الإطنابة:
أبت لي همتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإقحامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات ... وأحمي بعد عن عرض صحيح
ويروى أن أعرابيًا وقف على علي بن أبي طالب ﵁ فقال: إن لي إليك حاجة رفعتها إلى الله قبل أن أرفعها إليك، فإن أنت قضيتها حمدت الله تعالى وشكرتك، وإن لم تقضها حمدت الله تعالى وعذرتك، فقال له علي: خط حاجتك في الأرض، فإني أرى الضر عليك، فكتب الأعرابي على الأرض إني فقير فقال له علي: يا قنبر؛ ادفع إليه حلتي الفلانية، فلما أخذها مثل بين يديه فقال:
كسوتني حلة تبلى محاسنها ... فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا
إن الثناء ليحيي ذكر صاحبه ... كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا
لا تزهد الدهر في عرف بدأت به ... فكل عبد سيجزى بالذي فعلا
فقال علي: يا قنبر، أعطه خمسين دينارًا، أما الحلة فلمسألتك، وأما الدنانير فلأدبك، سمعت رسول الله ﷺ يقول: " أنزلوا الناس منازلهم " وقيل لسعيد بن المسيب: إن قومًا بالعراق يكرهون الشعر، فقال: نسكوا نسكًا أعجميًا.
1 / 29