211

============================================================

أقول: ولقد عجبت لأقوام يتصدرون المجالس في أيام الناس هذه، ويتزيون بزي العلماء والدعاة إلى الله تعالى ورسوله، ولا يجدون ما يتفكهون به في مجالسهم ومواعظهم إلا تكفير أبوي النبي وعمه أبي طالب، ولست أدري ماذا يضير هؤلاء لو دخلوا الجنة هم والناس اجمعون بفضل الله ورحمته، ولو كان ما يقولونه حقا - على سبيل الفرض فالحياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمس نسبه بسوء يدفع كل مقالة، لكن رسل الشيطان من بني الإنسان يأبون إلا أن يستميلوا عوام الناس، ومن في طبقة العوام من طلبة العلم المبتدثين، ليملؤا أذهانهم وعقولهم بمثل هذه الترهات التي أقل ما فيها إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحذار يا أخي من الانزلاق في تلك المهاوي إكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، نسأل الله لنا ولهم وللمسلمين السلامة والهداية، آمين.

و أما حكم من تكلم في أبويه الكريمين صلى الله عليه وسلم: فقد ذكر الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد فتوى لبعض علماء المغاربة هذا نص كلامه : وقد وقعت على فتوى بخط بعض علماء المغاربة بسط فيها الكلام على هذا المقام، ومن جملة ما ذكره ؛ أن المتكلم في هذا المقام على ثلاثة أقسام: قسم: يوجب تكفير قائله وزندقته، وليس فيه إلا القتل دون تلعثم، وهو حيث يتكلم بمثل هذا الكلام المؤذي في أبويه صلى الله عليه وسلم قاصدا لأذيته، وتعييره، والازدراء به، والتجسر على جهته العزيزة، بما يصادم تعظيمه وتوقيره: وقسم: ليس على المتكلم به وصم، وهو حيث يدعوه داع ضروري إلى الكلام به، كما إذا تكلم على الحديث مفسرا له ومقررا. ونحو ذلك مما يدعو الكلام به من الدواعي الشرعية .

وقسم: يحرم علينا التكلم فيه، ولا يبلغ بالتكلم به إلى القتل، وهو حيث لا يدعوه داع شرعي إلى الكلام به، فهذا يؤذب على حسب حاله، ويشدد في أدبه إن علم منه الجرأة وعدم التحفظ في اللسان، ويعزل عن الوظائف الشرعية، واستدل بعزل عمر بن عبدالعزيز 458

Shafi 211