222

قال أبو ذر: "قلت: فأكفني حتى أذهب فأنظر"، قال: فأتيت مكة، فتضعفت رجلا منهم" -يعني نظرت إلى أضعفهم فسألته، لأن الضعيف يكون مأمون الغائلة غالبا -فقلت له: "أين هذا الذي تدعونه الصابئ؟ " فأشار إلي، فقال: "الصابئ! "، فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم، حتى خررت مغشيا علي، فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر -يعني من كثرة الدماء التي سالت منه، صار كالنصب وهو الحجر الذي كان أهل الجاهلية ينصبونه ويذبحون عنده فيحمر بالدم .... قال: فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء، وشربت من مائها، ولقد لبثت يا ابن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم، ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما وجدت كل كبدى سخفة جوع -يعني أثر الجوع وضعفه-.

قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إذ ضرب على أسمختهم -أي آذانهم بالنوم - فما يطوف بالبيت أحد، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر، حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلى، فلما قضى صلاته قلت: "السلام عليك يا رسول الله"، فقال: "وعليك ورحمة الله".

ثم قال: "من أنت؟ " قلت: "من غفار"، قال: "فأهوى بيده، فوضع أصابعه على جبهته، فقلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار، فذهبت آخذ بيده، فقدعني -أي كفني- صاحبه وكان أعلم به مني، -يعني فعل هذا لدفع السوء عني وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم--.

Shafi 225