الباب الثاني في حقيقة الصّبرِ وكلام النّاسِ فيه
قد تقدم بيان معناه لغة.
وأما حقيقتهُ فهو: خُلُق فاضل من أخلاق النفس، تمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قُوى (^١) النفس التي بها صَلاح شأنِها، وقوام أمرها.
وسُئل عنه الجنيد بن محمد (^٢)؛ فقال هو: "تجرُّع المرارة من غير تعبُّس" (^٣).
وقال ذو النون (^٤): "هو: التباعدُ عن المخالفاتِ والسّكون عند تجرّع غُصص البلية، وإظهار الغِنى مع حلولِ الفقرِ بساحاتِ المعيشَة (^٥) " (^٦)
_________
(^١) الأصل: "قوة" خطأ.
(^٢) هو أبو القاسم الجنيد بن محمد النهاوندي البغدادي، شيخ الصوفية، أتقن العلم ثم تأله وتعبد ونطق بالحكمة، توفي سنة ٢٩٨ انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" (٧/ ٢٤١ - ٢٤٨)، و"سير أعلام النبلاء" (١٤/ ٦٦ - ٧٥).
(^٣) انظر: "الرسالة القشيرية" ص: ٢٥٥، و"مدارج السالكين" (٢/ ١٥٧).
(^٤) هو أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم النوبي شيخ الديار المصرية، كان عالمًا فصيحًا حكيمًا، ولد في أواخر أيام المنصور، وتوفي ﵀ سنة خمس وأربعين ومائتين. انظر ترجمته في "تاريخ بغداد" (٨/ ٣٩٣ - ٣٩٦)، و"سير أعلام النبلاء" (١١/ ٥٣٢ - ٥٣٦).
(^٥) في الأصل: "العيشة" والمثبت من النسخ الأخرى والمصادر.
(^٦) انظر: "حلية الأولياء" (٩/ ٣٦٢)، و"الرسالة القشيرية" ص: ٢٥٦، و"مدارج السالكين" (٢/ ١٥٨). وفي "حلية الأولياء": "التباعد عن الخلطاء =
1 / 19