158

Kayan Sabirai

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

Bincike

إسماعيل بن غازي مرحبا

Mai Buga Littafi

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Lambar Fassara

الرابعة

Shekarar Bugawa

1440 AH

Inda aka buga

الرياض وبيروت

Nau'ikan

Tariqa
وهذا كالذي يصلح أرضه، ويهيئها لقبول الزرع، ويودع فيها البذر، وينتظر نزول الغيث، فإذا طهّر العبد قلبه وفرّغه من إرادات السوء وخواطره، وبذر فيه بذر الذكر والفكر والمحبة والإخلاص، وعرّضه لمهاب رياح الرحمة، وانتظر نزول غيث الرحمة في أوانه، كان جديرًا في حصول المُغَلّ (^١). وكما يقوى الرجاء لنزول الغيث في وقته، كذلك يقوى الرجاء لإصابة نفحات الرحمن ﷻ في الأوقات الفاضلة والأحوال الشريفة، ولا سيما إذا اجتمعت الهمم، وتساعدت القلوب، وعظم الجمع، كجمع عرفة وجمع الاستسقاء وجمع أهل الجمعة، فإن اجتماع الهمم والأنفاس أسباب نصبها اللَّه تعالى مقتضية لحصول الخير ونزول الرحمة، كما نصب سائر الأسباب مُفضِية إلى مسبِّباتها. بل هذه الأسباب في حصول الرحمة، أقوى من الأسباب الحسية في حصول مسبّباتها، ولكن العبد لجهله يغلب عليه الشاهد على الغائب والحس على العقل، ولظلمه يؤثر ما يحكم به هذا ويقتضيه على ما يحكم به الآخر ويقتضيه، ولو فرغّ العبد المحل وهيأه وأصلحه لرأى العجائب، فإن فضل اللَّه لا يرده إلا المانع الذي في العبد، فلو أزال ذلك المانع لسارع إليه الفضل من كل صوب. فتأمل حال نهر عظيم يسقي كل أرض يمر عليها، فحصل بينه وبين بعض الأرض المعطشة المُجدبة سكْرٌ (^٢) وسدّ كثيف، فصاحبها يشكو الجدب، والنهر إلى جانب أرضه!

(^١) الأصل: "الممغل"، وما أثبت من النسخ الأخرى هو الصواب. والمغلّ بمعنى الغَلَّة. (^٢) قال في "لسان العرب" (٤/ ٣٧٥): سَكَرَ النهرَ يَسْكُرُه سَكْرًا: سَدّ فاه، وكل =

1 / 111