127

Kayan Sabirai

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

Bincike

إسماعيل بن غازي مرحبا

Mai Buga Littafi

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Lambar Fassara

الرابعة

Shekarar Bugawa

1440 AH

Inda aka buga

الرياض وبيروت

Nau'ikan

Tariqa
فصل وأما الصبر المحمود فنوعان: صبر للَّه وصبر باللَّه، قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [الطور: ٤٨]. وقال: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل: ١٢٧]. وتنازع الناس أيُّ الصبرين أكمل؟ فقالت طائفة: الصبر له أكمل، فإنّ ما كان للَّه أكمل مما كان باللَّه، فإن كان له فهو غاية وما كان به فهو وسيلة، والغايات أشرف من الوسائل، ولذلك وجب الوفاء بالنذر إذا كان تبررًا وتقربًا إلى اللَّه؛ لأنه نذْر له، ولم يجب الوفاء به إذا خرج مخرج النهي لأنه حَلِفٌ. فما كان له سبحانه فهو متعلق بألوهيته، وما كان به فهو متعلق بربوبيته، [وما تعلق بألوهيته أشرف مما تعلق بربوبيته] (^١)، ولذلك كان توحيد الإلهية هو المنجي من الشرك دون توحيد الربوبية بمجرده؛ فإن عباد الأصنام كانوا مقرين بأن اللَّه وحده خالق كل شيء وربُّه ومليكُه، ولكن لما لم يأتوا بتوحيد الإلهية، وهو: عبادته (^٢) وحده لا شريك له، لم ينفعهم توحيدُ ربوبيته. وقالت طائفة: الصبر باللَّهِ أكمل، بل لا يمكن الصبر له إلا بالصبر به، كما قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ﴾ [النحل: ١٢٧] فأمره بالصبر، والمأمور به هو الذي يُفعل لأجله، ثم قال تعالى: ﴿وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل: ١٢٧]؛ فهذه جملة خبرية غير الجملة الطلبية التي تقدَّمتْها، أخبر

(^١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. (^٢) في الأصل: "عباده"، والتصويب من النسخ الأخرى.

1 / 80