المنكرات، وربما انجر بهم ذلك لانطباع حقيقته في قلوبهم، وارتسامه في خيالاتهم، فظهروا بأمور تناسب ذلك، وربما أتوا فيه بمراء أضافوها إلى النبي (ص) تناسب أغراضهم، ولا تصح نسبتها له، وربما يصح بعضها مع قبول التأويل، فجهل هذا المسكين في قبولها أولا، وفي عدم تأويلها آخرا، واغتر في ذلك بما جرى من نوعه لأهل الحق، الذين وزنوا أنفسهم بالورع، وقاموا مع الحق في كل أمر متبع، كابن أبي جمرة (١) وغيره من السادة، مع أن ما وقع لهم له تأويلات حسنة، وما وقع له في بعضه فلا يحتمله (٢) التأويل، ثم إنه جمد عن التأويل عندما طلب به، وبالغ في ذلك لما أداه لهتكه وإذايته، رحمة الله عليه وغفرانه لديه إن كان صادقا في خبره لا غير، وبالله التوفيق.
١٠ - فصل
الطائفة الثانية طائقة تعلقت بالأحوال
وهم ثلاثة:
أولها: طائفة ادعت أنها ترى رجال الغيب من الخضر (س) وأمثاله، وتخبر في ذلك بأمور إما كذبا صراحا، أو تلبس عليها الأمر بخيال شيطاني ونحوه، فهلكت في الهالكين، وربما أهلكت غيرها، فلقد سمعت أن بعض هذه الطائفة ادعى أن الخضر نبي مرسل، وقال:
أرسله الله لقوم في البحر يقال لهم: بنو كنانة، قال: ومن قال بولايته فقد تنقصه، وتنقيص النبي (ص) كفر، كذا حكى لي من أثق به أنه سمع ذلك من لفظه، ففلت: نعم نسلم له صحة ما يدعيه، ولا نسلم له تكفير
_________
(١) عبد الله بن أبي جمرة الأندلسي، كان على زهد وعبادة وتمسك بالسنة (ت ٦٧٥) الطبقات الكبرى ١/ ١٧٦.
(٢) في خ، ق، ت ١: (ما لا يحتمله التأويل).
1 / 57