هذه المسحة والتي قبلها تكونان فئة واحدة، فإما أن تكون هذه مأخوذة من تلك، وإما أن تكونا معا مأخوذتان عن أصل واحد، فبينهما شبه كبير من حيث اختيارات ألفاظ النص، أما من حيث ترتيب فصول الكتاب فهما متطابقتان تماما، ومختلفتان عن الفئة الأولى.
وللنسخة التونسية في هذه الفئة الثانية ميزة واضحة، وهي كثرة الحواشي المفيدة، والتقييدات النافعة، لتصحيح لفظ أو توضيحه، مع العزو إلى المصادر، كما هي عادة صنيع القدماء، وعلى النسخة أيضا مقابلات بالأصل الذي أخذت عنه، وأحيانا مع غيره، كما هو واضح من الحواشي، ويعبر الكاتب عن هذه المقابلات بكلمة (بلغت) في مواضع عديدة منها، وهذه النسخة تعد أحسن النسخ وأضبطها من حيث الكتابة، حيث تقل فيها الأخطاء الشائعة من الناسخ.
وعلى الرغم من اتباعي في التحقيق طريقة (النص المختار) فقد فضلت في ترتيب فصول الكتاب، وكذلك، في ترتيب النص داخل الفصول، فضلت الترتيب الوارد في نسختي الفئة الأولى عند الاختلاف، لأن النص الوارد فيها أكثر استقامة، وأوضح بيانا، وأبسط عبارة، وصححت بعض ألفاظهما من نسختي الفئة الثانية، وعلى الأخص النسخة التونسية، والسبب في اعتمادي نسختي الفئة الأولى بصفة أساسية، أنهما في نظري آخر ما انتهى إليه المؤلف في أسلوب كتابه وترتيبه، والله أعلم.
1 / 28