Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
Mai Buga Littafi
دار علوم السنة
Nau'ikan
ومما صد كثيرًا منهم عن طلب الحديث والسعي وراء حلقاته ما رأوه من كثرة الوضع وانتشار الأحاديث الضعيفة بين رواة الحديث واختلاطها بالصحيح منه وكان من تلك الأحاديث ما يعارض المعقول فظنوا لجهلهم أن لا ضابط يفرق بين الصحيح والسقيم منها. وإن زعم ذلك أهل الحديث. فرأوا أن الرأي الصائب أن يدعوا صحيحها وسقيمها وأن يقتصروا على ما يوافق بدعهم وآراءهم منها. ولا يخفى على دارس أن الأحاديث قد دُسَّ في جملتها –لأغراض شتى- الموضوعات والمكذوبات على رسول الله ﷺ حتى راجت على بعض العلماء فاحتجوا بها لا في الفقه وحده بل في أمور العقيدة. خاصة مسائل الصفات ولذا أنكر بعض المحققين كابن قدامة تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة وروايتها ضمن عقائد السلف.
قال ابن قدامة (ينبغي أن يُعلم أن الأخبار الصحيحة التي ثبتت بها صفات الله تعالى هي الأخبار الصحيحة الثابتة بنقل العدول الثقات التي قبلها السلف ونقلوها ولم ينكروها ولا تكلموا فيها. وأما الأحاديث الموضوعة التي وضعتها الزنادقة ليلبسوا بها على أهل الإسلام أو الأحاديث الضعيفة إما لضعف رواتها أو جهالتهم أو لعلةٍ فيها فلا يجوز أن يقال بها ولا اعتقاد ما فيها بل وجودها كعدمها. وما وضعته الزنادقة فهو كقولهم الذي أضافوه إلى أنفسهم فمن كان من أهل المعرفة بذلك وجب عليه اتباع الصحيح واطراح ما سواه ومن كان عاميًا ففرضه تقليد العلماء وسؤالهم لقول الله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وإن أشكل عليه علم ذلك ولم يجد من يسأله فليقف وليقل: آمنت بما قاله رسول الله ﷺ ولا يثبت بها شيئًا، فإن كان هذا مما قاله رسول الله ﷺ فقد آمن به وإن لم يكن منه فما آمن به» (١) .
_________
(١) ذم التأويل (٤٧) .
2 / 30