Copernicus Darwin Freud
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Nau'ikan
الحركة الثالثة للأرض تسبب التغيرات الدورية المنتظمة لفصول السنة على الأرض كلها، لأنها تجعل الشمس والكواكب الأخرى تبدو متحركة على دائرة مائلة بالنسبة لخط الاستواء (...). (ريتيكوس 1540، 150-151)
لماذا يحتاج النظام الكوبرنيكي إلى افتراض دوران محور الأرض لتفسير فصول السنة؟ وفقا لكوبرنيكوس، الأرض كوكب، ولكنها مرتبطة بفلك يحملها حول الشمس، ومع ذلك، هذا يعني أن محور الأرض لا يبقى موازيا لنفسه. ثمة تجربة سهلة ستقنع القارئ بأن المحور لن يحافظ على وضعه ثابتا في الفضاء. كل ما تحتاجه هو قلم وشريط مطاطي وكوب. ضع القلم بزاوية مائلة في الكوب وقم بتدوير الكوب ببطء عكس اتجاه عقارب الساعة. لنفترض أنه في البداية يتوجه القلم من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي. ندير الآن الكوب بزاوية 90 درجة، حينها سيتوجه القلم من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي. دوران الكوب - الذي يتطابق مع الحركة الثانية للأرض في النظام الكوبرنيكي - لن يحافظ على ثبات اتجاه محور الأرض؛ لذا افترض كوبرنيكوس وجود حركة ثالثة مخروطية الشكل تعيد المحور لاتجاهه الأصلي في الفضاء (كون 1959، 165)(شكل
1-7
ب).
شكل 1-7: (أ) فصول السنة كما يراها راصد في نصف الكرة الشمالي وفقا للنظرة الكوبرنيكية الحديثة. يميل المحور المركزي للأرض بزاوية 23,5 درجة ويبقى ثابتا بالنسبة لمستوى المدار حول الشمس. يوضح النموذج كيف يرتبط الانقلاب الصيفي والشتوي ويؤديان إلى وجود أطوال مختلفة للنهار (كوبرنيكوس، «الشرح المختصر» 1959، 63). (ب) المواسم كما يراها راصد في نصف الكرة الشمالي وفقا لرأي كوبرنيكوس. يميل المحور المركزي للأرض بزاوية 23,5 درجة ولكنه لا يظل ثابتا بالنسبة لمستوى المدار حول الشمس. والأرض محمولة على فلك (خطين مزدوجين) حول الشمس «المركزية». وكما توضح تجربة الكوب، هذا يؤدي إلى تغيير في اتجاه المحور، يسميه كوبرنيكوس «انحراف محور» (محور الأرض). تقوم هذه الحركة بدائرة صغيرة في الاتجاه المعاكس لحركة الأرض للتعويض عن «الميل» المتغير للمحور. وفي تعديله للنظام الكوبرنيكي، استغنى كبلر عن الحركة الثالثة.
تواجهنا حالة غريبة. يستطيع نموذجا مركزية الأرض ومركزية الشمس تفسير فصول السنة. مع ذلك، تفسير بطليموس يبدو أكثر بساطة، حيث إن كوبرنيكوس يحتاج إلى افتراض حركة دوران ثالثة للأرض. ظاهريا، لا يوجد فرق بين افتراضنا وجود دائرة لا متراكزة مائلة حول الأرض الثابتة أو محور مائل للأرض المتحركة حول الشمس الثابتة. مع ذلك، ليس بالضرورة أن يكون التفسير الأبسط هو الأكثر ملاءمة. إن تفسير بطليموس مستمد من نموذج يتضمن جزءا ضئيلا من الواقع الفيزيائي للنظام الشمسي، لكن خلافا لنموذج بطليموس، يمثل نموذج كوبرنيكوس النظام الشمسي كنظام متكامل. ونتوقع أن نظام ومن خلال افتراض وجود الحركات الثلاث للأرض، يأمل كوبرنيكوس في تفسير الظواهر معا، وليس على نحو منفصل. (يستطيع بطليموس حقا تجاهل الدوران اليومي للأرض، لأنه لا يلعب أي دور في تفسير فصول السنة.) وبما أن نموذج كوبرنيكوس يتعامل مع الكواكب كنظام، فلا يواجه صعوبة في تفسير تباين فصول السنة وأطوال النهار المتفاوتة. وفي هذا الإطار، يمتلك نظام كوبرنيكوس قوة تفسيرية أكبر؛ فمن خلال اعتماد الأرض المتحركة، يفسر على نحو طبيعي حركة الدوران القهقري، وفصول السنة، والمسافات النسبية لبعد الكواكب عن الشمس، ولكن النظام الكوبرنيكي أقل عملية من النموذج البطلمي، على الأقل في هذا الصدد، ومع ذلك، فإنه يظل أكثر تشابها مع النظام الشمسي من النموذج البطلمي، وقد خضع للتعديل عندما أشار كبلر إلى أنه لا حاجة للحركة الثالثة للأرض. يستطيع كبلر الاستغناء عنها لأنه لا توجد حاجة للأفلاك؛ فعلم الفلك يستطيع تفسير هذه الظواهر بسهولة «دون الأثاث عديم الفائدة المتمثل في الدوائر والأفلاك الوهمية» (كبلر 1618-1621، الكتاب الخامس، الجزء الأول، 124)؛ فالأرض تتحرك بحرية حول الشمس، مبقية محورها دائما ثابتا بالنسبة لمحور مرسوم عبر مركز الشمس (شكل
1-7
أ). (3-3) كوبرنيكوس والتحول الكوبرنيكي
كان هذا التحول إلى حلقات الكواكب من واقع مادي إلى ظاهرة بصرية حجة لا تقهر على صحة علم فلك كوبرنيكوس. (روزن، «كوبرنيكوس والثورة العلمية» (1984)، 115-116)
أصبح من المعتاد الحديث عن التحول الكوبرنيكي منذ أشار كانط إلى فرضية كوبرنيكوس في كتابه «نقد العقل الخالص» (كانط 1787
Shafi da ba'a sani ba