Contemporary Intellectual Challenges to the Hadiths of Sahih Al-Bukhari and Sahih Muslim
المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين
Mai Buga Littafi
تكوين للدراسات والأبحاث
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٤١ هـ - ٢٠٢٠ م
Nau'ikan
الحواسِّ مِن آياتِ الأنبياء ﵈، وفيما سِواها لا تثبُت بأقلِّ مِن عشرين نفسًا، فيهم واحدٌ مِن أهلِ الجنَّة أو أكثر»! (^١)
ومِن شَواهدِ هذا الانحرافِ الاعتزليِّ عن الأحاديثِ:
ما قرَّره عبد الجبَّار الهَمداني (ت ٤١٥ هـ) (^٢) في قولِه: «ما سبيلُه مِن الأخبار، فإنَّه يجب أن يُنظَر فيه: فإنْ كان ممَّا طريقه العمل، عُمِل به إذا أورِد بشَرائِطه، وإن كان ممَّا طريقُه الاعتقادات، يُنظر: فإنْ كان مُوافقًا لحُجَجِ العقولِ، قُبِل واعتُقِد مُوجبُه، لا لمكانِه، بل للحُجَّة العقليَّة، وإنْ لم يكن مُوافقًا لها، فإنَّ الواجب أن يُرَدَّ، ويُحكَم بأنَّ النَّبي ﷺ لم يَقُله، وإنْ قالَه، فإنَّما قاله على طريقِ الحكايةِ عن غيره! هذا إنْ لم يحتمِل التَّأويلَ إلَاّ بتعسُّف، فأمَّا إذا احتمَله، فالواجب أن يُتأوَّل» (^٣).
أمَّا إبراهيم النَّظَّامِ؛ فقد بَلَغ به الغلوُّ مَداه حينَ بوَّأ العقلَ رُتبةَ الدَّليل النَّقليِّ، فكان يقول: «إنَّ جِهةَ حُجَّة العَقْلِ، قد تنسخُ الأخبار»! وهذا نَسَبه له ابن قُتيبة (^٤).
فهذا التَّقديم للعقلِ على دلائل النَّقل -وإن لم تَدَّعِ المعتزلةُ بأنَّه تقديمُ رتبةٍ وتفضيلٍ- إلَاّ أنَّ تَصرُّفاتِهم في بابِ العقائدِ والأحكامِ برهانٌ عمليٌّ على جعلِهم العقلَ حاكِمًا على النُّصوصِ، يظهر ذلك فيما يتناولونَه مِن الدَّلائل السَّمعيَّة.
فأمَّا الدَّلائل القُرآنيَّةُ: فلِكَوْنها قطعيَّةَ الثُّبوتِ، لم يَستطيعوا رَدَّها، بل اكتفوا بتطريقِ الاحتمالاتِ على دَلالاتِها، ليُنْفَى عنها إفادة اليَقين.
(^١) «الفرق بين الفِرق» للبغدادي (ص/١٠٩)
(^٢) عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد آبادي، أبو الحسين: شيخ المعتزلة في عصره، وهم يلقبونه قاضي القضاة، ولا يطلقون هذا اللقب على غيره، ولي القضاء بالريِّ، ومات فيها، من تصانيفه: «شرح الأصول الخمسة»، و«المغني في التوحيد والعدل»، انظر «الأعلام» (٣/ ٢٧٣).
(^٣) «شرح الأصول الخمسة» للقاضي عبد الجبار (ص/٧٧٠).
(^٤) في «تأويل مختلف الحديث» لابن قُتيبة (ص/٩٤).
1 / 109