176

Constancy and Inclusiveness in Islamic Law

الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

Mai Buga Littafi

مكتبة المنارة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م

Inda aka buga

مكة المكرمة - المملكة العربية السعودية

Nau'ikan

في شغل شاغل بالتكفير والقتال (١) فلم يكن عندهم من الوقت ما يمكنهم من الاشتغال بالفلسفة، وطبيعتهم الخاصة لا تساعدهم على ذلك، فهم كما ثبت في الحديث: "يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم" (٢)، وفي هذا إشارة إلى عدم اشتغالهم بالتفكر والتدبر في المعاني الشرعية التي هي قاعدة المنهج الصحيح فإذْ لم يفعلوا ذلك وبعدوا عنه فهم إذًا أشد بعدًا عن النظر الفلسفي، لأن الطريقة الشرعية في التدبر والتفكر سهلة ميسرة، وتقرير مسائل العلم ميسر أيضًا لمن صبر على التعلم والتفقه .. أما مسالك النظر الفلسفي فعلى الضد من ذلك، وكان من صفاتهم بعد ذلك التعلق بالنظر الأول عند تقرير مسائل الدين وعند الحكم على الأحداث والوقائع (٣). وذلك هو السبب الأول الذي حملهم على تأسيس قواعد منحرفة، ثم البناء عليها فلم يمكنهم بعد ذلك التصحيح لتزيدهم في الغلو.
ومنها: أنهم أصحاب عبادة وتزهد وعمل دائب لا ينقطع وشدة تفان في نصرة مذهبهم يحقر المحسن عمله مع عملهم (٤) وهذا مانع آخر من انشغالهم بالفكر الفلسفي (٥).

(١) انظر المصدرين السابقين.
(٢) الحديث أخرجه البخاري من رواية أبي سعيد الخدري قال: "سمعت النبي ﷺ يقول: يخرج في هذه الأمة -ولم يقل منها- قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية .. " فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٢/ ٢٨٣.
(٣) الاعتصام ٢/ ١٩٩ - الموافقات ٤/ ١١٧.
(٤) كما في حديث أبي سعيد الخدري الذي مر تخريجه آنفًا.
(٥) ذلك أن الفكر الفلسفي يجهد الإِنسان من الناحية العقلية، ويوهمه أنه يحقق ذاته من هذه الناحية فتضعف طاقته البدنية والنفسية عن العمل، وعلى الضد من ذلك طبيعة الخوارج فإنهم - مع كونهم أهل عبادة .. - أغرقوا في التكفير حتى جعلوه محور عقيدتهم وتفكيرهم وأغرقوا أيضًا في القتال -أي بلغوا الغاية فيه، وهذا حال بينهم وبين التدبر والتعقل في إدراك علم الكتاب والسنة ومقاصدهما والتربية على معهود السلف الأول من الصحابة والتابعين وحال بينهم وبين الفلسفة العقلية - كما صنعت المعتزلة - إلا أنه =

1 / 179