للناس كافة، لأنها من المعاني التي تضمنتها شهادة أن لا إله إلّا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن يستنكر ابتغاء غير الله حكمًا كما قال سبحانه:
﴿أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا﴾ (١) الآية.
والمعنى: قل يا محمد لمن يعدل بالله غيره: "ليس لي أن أتعدى حكمه وأتجاوزه، لأنه لا حكم أعدل منه، ولا قائل أصدق منه، وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلًا، يعني القرآن مفصلًا، يعني مبينًا فيه الحكم فيما تختصمون فيه من أمري وأمركم .. " (٢).
وهذه الدعوة التي خاطب بها النبي ﷺ مخالفيه من أهل الشرك، ما زالت تُعرض على البشرية من خلال هذا القرآن، وعن طريق حملته الصادقين، أنه لا حكم أعدل من الله ولا قائل أصدق منه، ولا قبول ولا إذعان إلّا للشريعة الإِسلامية التي جاء بها هذا الكتاب الذي فصله الله فجعل فيه ما تحتاجه البشرية في عالم العقائد والقيم والأحكام.
ولا يحتاج من ابتغى الله حكمًا لأي كتاب غير هذا الكتاب ولا لشريعة غير هذا الشريعة ولا لنظام غير نظام الإِسلام، ذلك لأن الله قد كفى المؤمنين مؤنة المسألة لمّا أنزل لهم تلك الآيات في ذلك الكتاب الذي فصله وبينه كما قال القرطبي (٣).
وكفاية الشريعة أمر عقيدة لا يصح إسلام بدونه فمن ابتغى غير الله حكمًا راضيًا مختارًا فقد أعرض عن هذه الشريعة التي كفته مؤنة المسألة وكان من الممترين، والممتري هو الشاك وقد شهد المؤمنون وغير المؤمنين من أهل الكتاب بأن هذه الشريعة هي الحق وأمر الله نبيه -والخطاب يشمل المؤمنين- أن
(١) سورة الأنعام: آية ١١٤.
(٢) جامع البيان عن تأويل القرآن: ٨/ ٨.
(٣) الجامع لأحكام القرآن: ٧/ ٧٠.