منه بدأ بلا كيفية قولًا، وأنزله على رسوله وحيًا:
ــ
الصلاة والسلام فهما مبلغان عن الله ﷿، فالكلام إنما يقال ويضاف لمن قاله مبتدأ، لا من قاله مبلغًا ومؤديًا.
فمن قال: إن جبريل أخذه من اللوح المحفوظ، أو: إن الله خلقه في شيء وأخذه جبريل من ذلك الشيء، فهو كافر بالله ﷿ كفرًا مخرجًا من الملة، كما تقوله الجهمية والمعتزلة ومن نحا نحوهم، فهو كلام الله، حروفه ومعانيه، تكلم الله به كيف شاء، فنحن نصف الله بأنه يتكلم، والكلام من صفاته الفعلية، والكيفية التي تكلم بها نقول: الله أعلم بها، هذه كسائر صفاته، نؤمن بها ولا نعلم كيفيتها، فالمعنى معروف، وأما الكيفية فهي مجهولة لنا.
أي: أن القرآن نزل من الله، تكلم الله به وأنزله، لم ينزل من غيره ولم يبدأ من غيره، ليس كما يقولون: إنه بدأ من جبريل، أو من اللوح، أو من الهواء، إنما بدايته من الله، وسمعه جبريل وبلغه إلى النبي ﷺ وحيًا، والنبي ﵊ بلغه للناس، ولو كان هذا القرآن من كلام البشر لاستطاع أحد من الناس أن يأتي بسورة من مثله، فلما عجزوا عن ذلك دل على أنه من كلام الله ﷿، قال تعالى: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين) [البقرة: ٢٣]، وقال ﷾: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفتريات) [هود: ١٣] فعجزهم الله بذلك، مع أنهم عرب فصحاء،