١٤ - قال الحافظ ابن حجر ﵀ ٤/ ٩٤: "وكل مؤمن له من نفسه سائق إلى المدينة لمحبته في النبي ﷺ فيشمل ذلك جميع الأزمنة لأنه في زمن النبي ﷺ للتعلم منه وفي زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم للاقتداء بهديهم ومن بعد ذلك لزيارة قبره ﷺ والصلاة في مسجده والتبرك بمشاهدة آثاره وآثار أصحابه".
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: لا ريب أن الإيمان يتضمن محبة النبي ﷺ فوق محبة جميع الناس، وهذا الحب يحدو صاحبه إلى ما ذكره الحافظ، ومعلوم أن دار الحبيب وأرضه مما يهفو إليه المحبون، وهذا يجده المؤمن في قلبه نحو مدينة الرسول ﷺ فهو يشتاق إليها، ويجهش بالبكاء إذا رأى مشارفها، ومعلوم أن المؤمن العالم بالسنة لا يقصد السفر إلى المدينة على وجه التعبد إلا للصلاة في مسجده ﷺ وإنه الغاية من ذلك السفر لقوله ﷺ: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد" وزيارة قبره ﷺ تأتي تبعا لزيارة مسجده والصلاة فيه، وقد يعبِّر بعض العلماء بزيارة قبره عن زيارة مسجده ﷺ كما جاء في عقيدة أبي عثمان الصابوني، وقد ذكر هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية لأنه لا أحد من العالمين بالسنة يقصد بالسفر إلى المدينة مجرد زيارة قبره ﷺ ومن وصل إلى المدينة وتردد في نواحيها، فلا بد أن يرجع بذكرياته إلى زمان النبي ﷺ وخلفائه الراشدين وصحبه الكرام؛ فيحصل له من زيادة الإيمان ما يحصل، وهذا أحسن ما يحمل عليه قول الحافظ ﵀: "والتبرك بمشاهدة آثاره وآثار أصحابه".