Comments of Sheikh Al-Barrak on Creedal Violations in Fath al-Bari
تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري
Bincike
عبد الرحمن بن صالح السديس
Mai Buga Littafi
طبعت التعليقات بحاشية (فتح الباري) طبعة دار طيبة
Nau'ikan
١٢٨ - قال الحافظ ابن حجر ﵀ (١٣/ ٤٠٥ - ٤٠٦): قوله: "باب ﴿وكان عرشه على الماء﴾ [هود:٧] ﴿وهو رب العرش العظيم﴾ .. قال أبو العالية: ﴿استوى إلى السماء﴾ [البقرة:٢٩] ارتفع ... "
قال ابن بطال: "اختلف الناس في الاستواء المذكور هنا .. وقالت الجسمية: معناه الاستقرار .. وقيل معنى الاستواء: التمام والفراغ من فعل الشيء ... "
وقال إمام الحرمين في "الرسالة النظامية": "اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر؛ فرأى بعضهم تأويلها والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الله تعالى، والذي نرتضيه رأيا وندين الله به عقيدة: اتباع سلف الأمة للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة .. ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب ٢٢.
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: مقصود البخاري ﵀ بترجمة الباب تقرير علو الله بذاته على مخلوقاته واستوائه على عرشه، واكتفى بالإشارة إلى الاستواء بذكر العرش في الآية والأحاديث التي أوردها في الباب، لأن العرش متعلَّق الاستواء، وإن كان قد جاء التصريح بالاستواء على العرش في سبع آيات، وأشار إليها في نقل تفسير السلف للاستواء كأبي العالية، ومجاهد، واكتفى من أدلة العلو خاصة بحديث أنس ﵁ في شأن زينب ﵂، وقولها: "وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات" مع أن أدلة العلو في الكتاب والسنة لا تحصى كثرة، وأهل السنة يثبتون ما دلت عليه هذه النصوص ويمرونها كما جاءت بلا كيف، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب".
وأما المعطلة والجهمية ومن وافقهم، فإنهم ينفون علو الله على خلقه واستوائه على عرشه، ثم منهم من يقول بالحلول العام، أو أنه - تعالى الله عن قولهم - لا داخل العالم ولا خارجه، وفي هذا غاية التنقص لله تعالى، أو ما يتضمن وصفه بالعدم. ثم يضطربون في جوابهم عن هذه النصوص؛ فأكثرهم يذهب إلى التأويل المخالف لظاهر اللفظ كتأويل الاستواء بالاستيلاء، أو الملك والقدرة، أو التمام كما ذكر ذلك الحافظ فيما حكاه عن ابن بطال. وهؤلاء يجمعون بين التعطيل والتحريف.
ومن نفاة العلو والاستواء من الأشاعرة من يذهب إلى التفويض؛ وهو الإمساك عن تدبر هذه النصوص لأنه لا سبيل إلى فهم معناها، مع نفي أن يكون ظاهرها مرادًا، ويزعم بعض أولئك أن هذا هو مذهب السلف في نصوص الصفات كالعلو والاستواء كما نقله الحافظ عن إمام الحرمين بعد ذلك، وهو خطأ ظاهر وجهل بحقيقة مذهب السلف.
ومما يدل على فساد مذهب المفوضة أن الله ﷿ أمر بتدبر الكتاب كله، وما لا يفهم معناه لا يؤمر بتدبره ولا معنى لتدبره.
وقد وصف الله كتابه بأنه هدى وشفاء وبيان، وما لا يفهم معناه لا يوصف بشيء من ذلك. فالمخرج من هذا الاضطراب هو الاعتصام بما دل عليه كتاب الله ﷿، وسنة رسوله ﷺ وبما كان عليه السلف الصالح والتابعون لهم بإحسان، والله الهادي إلى الصواب.
13 / 405