واعلم أن الشريعة أبلغت في هذا الأمر حتى ألزمت المكلف إذا عجز عن السبب العادي أن يعمل ما يشبهه، وبينت أنه لا يستحق الإغاثة من الله ﷿ إلا بذلك. فمن هذا [ص ٥١] قوله ﵌: "إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكُفُّوا صبيانكم ... وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا، وأَوكُوا قِرَبَكم، واذكروا اسم الله، وخَمِّروا آنيتكم، واذكروا اسم الله ... ".
وفي رواية: "فإن الشيطان لا يحُلّ سقاءً، ولا يفتح بابًا، ولا يكشف إناءً، فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودًا، ويذكر اسم الله، فليفعل" (^١).
ولا يخفى أن إغلاق الباب، وإيكاء السقاء، وعرض عود على الإناء، ليس بمانعٍ طبعي للشيطان، وإنما يمنعه الله ﷿؛ لتعوذ المؤمن بذكر اسمه ومع ذلك شرط للإعاذة أن يعمل الإنسان ما يقدر عليه مما من شأنه أن يمنع في الجملة، وإن كان ليس بمانع طبعي للشيطان.
ومن ذلك حديث: "إذا صلى أحدكم فليصلِّ إلى سترة، وليدنُ منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته" (^٢).
وفيه: "إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا، فإن لم يجد فلينصب عصًا، فإن لم يكن معه عصًا، فليخطط خطًّا، ثم لا يضره ما مر أمامه" (^٣).