15

Commentary on Sharh al-Sunnah by Al-Barbahari - Nasser al-Aql

التعليق على شرح السنة للبربهاري - ناصر العقل

Nau'ikan

أهل السنة والجماعة هم السواد الأعظم ثم أشار إلى الجماعة وأنهم السواد الأعظم، وهذه العبارة لها عدة معان، فالسواد الأعظم عبارة وردت في بعض الآثار، وإن كانت لا يصح إطلاقها على عموم المسلمين. فالمقصود بالسواد الأعظم هنا من وصفهم المؤلف بقوله: (الحق وأهله)، بصرف النظر عن العدد والكثرة، وإن كان مفهوم السواد الأعظم قد يقصد به الأكثرية، لكن مع ذلك فإن كثيرًا من المفاهيم اللغوية تحددها المفاهيم الشرعية، فالمعنى الشرعي عن السلف للسواد الأعظم أنهم الأعظم قدرًا، وهم أئمة الدين ومن تبعهم من عامة المسلمين، ذلك أن العامة الذين على الفطرة هم الأكثر عددًا، فربما يطلق على عموم المسلمين على هذا الوجه ما لم يتلبسوا ببدعة ظاهرة، هذا أمر. والأمر الآخر: أنه يطلق على الصحابة ﵃ والتابعين وتابعيهم في القرون الفاضلة السواد الأعظم، من باب أنهم هم الأكثر عددًا وهم الأقوى، وهم الأكثر اعتبارًا، فالأمة في تلك العصور الفاضلة إنما تدين لأهل السنة والجماعة، أئمة الدين، وعامة المسلمين تبع لهم حتى الولاة. فمن هنا يكون السواد الأعظم في القرون الثلاثة الفاضلة هم أئمة السنة ومن تبعهم، وهم الأكثر من المسلمين؛ لكن بعد كثرة الفرق عددًا خاصة بعد القرون الفاضلة من القرن الرابع وما بعده، كانت تسود الفرق ويكثر عدد أتباعها، ويكثر سوادهم، فمن هنا لا بد من حصر السواد الأعظم على من كان على مذهب السنة والجماعة، أي: السواد الأعظم في العصور الفاضلة، أي: فلا بد من حصر السواد الأعظم بعد أكثرية الفرق بالحق وأهله وإن قلوا. إذًا: السواد الأعظم لا بد من تحديده بمفهوم اصطلاحي شرعي، فلا يخضع للمفهوم اللغوي وهو اعتبار الأكثرية؛ لأن الأكثرية لا اعتبار بها، إنما الاعتبار للحق وأتباعه.

1 / 15