Commentary on Lum'at al-I'tiqad by Ibn Jibreen
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد لابن جبرين
Mai Buga Littafi
دار الصميعي للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
Nau'ikan
مقدمة الطبعة الأولى
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ﷺ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فقد كنت كتبت أسئلة وأجوبتها على لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد لابن قدامة الحنبلي ﵀ وألقيت تلك الأسئلة على طلاب المعاهد العلمية، وقد بقيت عندي هذه الأجوبة هذه السنين، فرغب إليّ بعض الشباب أن يطبعها رجاء أن يستفاد منها، فأذنت له في ذلك، ولم أتمكن من التعليق عليها مع مسيس الحاجة إلى ذلك، وهذه الأجوبة تناسب مستوى التلاميذ الذين كتبت لهم؛ حيث لم أتوسع في النقول والإيضاح للمعاني، وذكر أقوال الطوائف الأخرى ومناقشة شبههم، والإكثار من سرد النصوص السمعية والأدلة العقلية، فإن ذلك يستدعي طولا مملا لا تتحمله مقدرات أولئك التلاميذ.
وقد حرصت على إيضاح المفردات التي في المتن، وكذا بيان المعنى الذي تدل عليه الجملة مع الاختصار، وخرّجت الأحاديث التي يستشهد بها
1 / 21
المؤلف دون توسع، وقد استشهدت بأحاديث لم أخرّجها، وكذا ذكرت في التعليق جملا كثيرة مستندها بعض الأحاديث أو الآثار، لكن لم أبحث عن درجتها، وإنما هي من الأحاديث أو النقول المتداولة في الكتب وعلى الألسن، والاشتغال بتخريجها مما يطول به التعليق ولا مناسبة له في ذلك الأوان والاشتغال، ولعله يتيسر لنا بعد حين أن نخرّج ما نقدر عليه من تلك الأخبار؛ ليطمئن القارئ إلى صحة الاستدلال بها، وإن كان أصل الدليل مشهورا مقطوعا به كما هو المعلوم في أمور العقائد التي تعتمد الأدلة القطعية من الآيات وصحيح الأخبار وإن كانت آحادًا مما تلقته الأمة بالقبول وتقبله السلف الصالح والصدر الأول من هذه الأمة ولا عبرة بمن رده أو تأوله وحرفه من المتأخرين الذين تأثروا بشبهات المبتدعة وضلوا عن سواء السبيل والله أعلم وأحكم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
1 / 22
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله المحمود بكل لسان، المعبود في كل مكان وزمان، الذي لا يشغله شأن عن شأن، ولا يحيط بعلمه إنس ولا جان، أحمده على جزيل الامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكريم المنان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، ﷺ وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان.
وبعد: فهذه أسئلة وأجوبة على متن لمعة الاعتقاد، شرحت فيها المفردات اللغوية، وأوضحت فيها المعاني العقدية وقد حرصت على الاختصار لأن المقام يستدعي ذلك ولأن محتوياتها متكررة في العقائد المبسوطة والله المسؤول أن ينفع به كما نفع بأصله وهو حسبنا ونعم الوكيل.
1 / 23
تعريف بهذه العقيدة ومؤلفها
_________
(أ): من مؤلف هذه العقيدة؟
(ب) ما موضوعها؟
(ج) وما سبب تسميتها؟
(د) وما طريقة المؤلف في الاعتقاد؟
(هـ) ما أهمية هذا الموضوع.
(و) ومتى حدث الخلاف فيه؟
(أ) هو الموفق ابن قدامة المقدسي الحنبلي ينتهي نسبه إلى عمر بن الخطاب ﵁ فهو قرشي عدوي مات سنة ٦٢٠ عن ثمانين سنة، وكان قد ولد بجمّاعيل من أرض فلسطين ثم انتقل إلى دمشق وقد صنف كتبا كثيرة أغلبها في الفقه كالمغني والكافي والمقنع والعمدة وله كتب في فنون أخرى ﵀ وأكرم مثواه.
(ب) موضوعها في توحيد الأسماء والصفات وما يلزم اعتقاده في الآيات والأحاديث التي تتضمن شيئا من صفات الله تعالى وفي طريقة أهل السنة في أمور الغيب ونحو ذلك.
1 / 25
(ج) وسماها (لمعة الاعتقاد) لوضوح أدلتها وما تضمنته، واللمعان: الإضاءة والنور، والاعتقاد هو ما يجزم بصحته ويعقد القلب عليه، ثم وصفها بقوله (الهادي إلى سبيل الرشاد) أي: أن اعتقاد ما فيها يكون دالا إلى الطريق التي من سلكها فهو من الراشدين.
(د) أما طريقة المؤلف فهي الاقتصار على قراءة النصوص في الصفات وإمرارها كما جاءت وعدم الاشتغال بتفسير شيء منها لفظا أو معنى، وعلى هذا أغلب المشتغلين بالفقه.
وقد تجرأ كثير من العلماء المحققين ففسروها بما هو المتبادر إلى الفهم من معناها، وصرحوا بحقيقة ما تدل عليه مع نفي التشبيه، وإنما فوضوا الكنه والكيفية، وقصدهم بذلك إبطال تأويلات النفاة ورد تحريفاتهم.
(هـ) لا شك أن معرفة العبد لربه هي أوجب الواجبات، ويتبع ذلك معرفة ما يعتقده العبد بقلبه ويقوله بلسانه في ربه ومالكه، مما يستحقه الرب من صفات الكمال، وما ينزه عنه من النقائص وأنواعها، فإن هذه المعرفة غاية المعارف، والوصول إليها غاية المطالب، ولأجل هذه الأهمية ورد إيضاح هذا النوع في الكتاب والسنة أتم إيضاح، وتقبل ذلك المؤمنون حقا كما تقبلوا جميع ما في الوحيين من الأخبار والأحكام وغيرها.
(و) وكان حدوث الخلاف في إثبات الصفات في أوائل القرن الثاني، فأول من اشتهر بإنكارها الجعد بن درهم حيث أنكر الاستواء والعلو
1 / 26
والكلام والمحبة ونحوها فضحى به خالد القسري حيث قتله بعد صلاة العيد لأجل هذه المقالة، وقد أخذها عنه الجهم بن صفوان، وأظهرها فنسبت إليه، فإن السلف يسمون من نفي الصفات أو شيئا منها جهميا.
1 / 27
ثم كثر أهلها آخر القرن الثاني وأول القرن الثالث وتمكنوا من بعض الخلفاء، وحصل لأهل السنة اضطهاد وتعذيب، حتى أعز الله دينه، وأظهر أهل الحق؛ ولا يزال النفاة كثيرا إلى اليوم، وذلك مصداق ما في الحديث من وقوع التفرق والاختلاف في هذه الأمة.
1 / 28
مقدمة صاحب المتن: (ابن قدامة)
قال الشيخ الإمام العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ﵀: الحمد لله المحمود بكل لسان المعبود في كل زمان.
_________
(أ) ما معنى قوله الحمد لله؟
(ب) وكيف وصفه بكونه محمودا بكل الألسن، ومعبودا في كل الأزمنة فما وجه هذا العموم؟
(أ) الحمد لغة: الثناء، وشرعا ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله.
(ب) وكونه تعالى محمودا بكل الألسن على عمومه، وحمدها إياه إما بلسان الحال، أو بلسان المقال، فتسبيح الكافر والبهائم والجماد هو ما في تركيبهم وخلقهم من عجيب الصنع الذي يستنطق الألسن بالحمد والتسبيح لمن أنشأه على غير مثال سبق؛ وقد يكون لكل عضو ولكل مخلوق تسبيح وحمد غير مفهوم لنا، على حد قوله تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وقوله ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ .
وأما العبادة فأصلها الذل والخضوع، وأراد أنه تعالى هو القاهر المتصرف في خلقه، فكلهم ذليل خاضع لهيبته وتصرفه، طوعا وكرها، وهذا عام لكل موجود في كل زمان.
1 / 29
الذي لا يخلو من علمه مكان، ولا يشغله شأن عن شأن.
_________
(أ) ما كيفية عموم العلم؟
(ب) وما دليل ذلك؟
(ج) وما المراد بالشأن؟
(أ) أي: هو تعالى عليم بكل شيء فلا تخفى عليه خافية في أي موضع من ظهر الأرض أو بطنها.
(ب) والدليل عليه النصوص الكثيرة كقوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾، وقوله: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا﴾ .
(ج) والمراد بالشأن: الخَطْب والأمر والحال؛ أي: هو سبحانه لا ينشغل بتدبير مخلوق وأمره عن تدبير بقية الخلق ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ .
1 / 30
جل عن الأشباه والأنداد، وتنزه عن الصاحبة والأولاد، ونفذ حكمه في جميع العباد.
_________
(أ) ما معنى جل وتنزه؟
(ب) وما الأشباه والأنداد والصاحبة؟
(ج) وما سبب نفي ذلك عن الله تعالى؟
(د) وما النفوذ؟
(أ) جلَّ أي: عظم، وتنزه أي: تباعد. والمراد أنه سبحانه معظم مقدس عن أن يكون له ند أو شبيه، وبعيد أن يتخذ صاحبة أو ولدا.
(ب) والأشباه: الأكفاء والنظراء. والأنداد: جمع ند، وهو: المثيل والسمي والكفو، والصاحبة: الزوجة. قال تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾، وقال ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ .
(ج) ونفي ذلك عن الله تعالى؛ لكمال تصرفه وانفراده وحده بتدبير جميع الخلق، وعدم احتياجه إلى معين وظهير.
(د) والنفوذ هو: المضي والجريان. أي: أن حكمه وأمره وقضاءه سار ونافذ في جميع الخلق؛ فلا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه.
1 / 31
لا تمثله العقول بالتفكير، ولا تتوهمه القلوب بالتصوير: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ .
_________
(أ) ما الفرق بين تمثيل القلوب وتوهم العقول؟
(ب) وما التفكير والتصوير؟
(ج) وما معنى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ الآية؟
(أ) تمثيل العقول: تخيلها وتقديرها؛ أن ذات الله كذا، وأن استواءه هكذا.
وتوهم القلوب: نظرها -خطأ- في ذات الله أو صفاته؟ وأصل الوهم الظن الخاطئ.
(ب) والتفكير: هو التفكير بالقلب في الشيء الغائب، والتصوير هو التصور له، يعني أن القلوب لو فكرت في ذات الله، وتخيلت أنه هكذا أو أن صفته كذا، أو كيفية نزوله أو استوائه كذا لكانت خاطئة، وقد ورد في الأثر: "تفكروا في المخلوق، ولا تفكروا في الخالق".
(ج) أما قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ فهي آية عظيمة، تضمنت الرد على من شبه الله أو شيئا من صفاته بخلقه فإنه غاية التنقص، وعلى من نفى عن الله شيئا من صفاته.
فقوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ رد على المشبهة والممثلة، وقوله ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ رد على المعطلة، حيث أثبت لنفسه السمع والبصر الحقيقي، فيلحق بهما سائر صفات الكمال.
1 / 32
الكلام في أسمائه تعالى وصفاته
له الأسماء الحسنى، والصفات العلا.
_________
(أ) ما المراد بالأسماء الحسنى، والصفات العلا؟
(ب) وما المراد بالعلو فيها؟
(أ) الاسم: ما حصل به تعيين المسمى، ومن الأسماء: ما هو حسن يتمدح به، ومنها: ما هو قبيح، فأسماء الله كلها حسنى، وله من كل اسم مشتق من صفة أحسن ذلك وأرفعه، وكل اسم من أسماء الله فهو دال على صفة، فالرحمن: دال على الرحمة، والعزيز: دال على العزة، وهكذا.
(ب) والعلو في الصفات علو معنوي، أي: له الصفات العظيمة الشأن، الفاضلة الرفيعة في المعنى.
1 / 33
﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ .
_________
(أ) ما تقول في الاستواء؟
(ب) وماذا تفيده اللام في قوله ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾؟
(ج) وما المراد بما فيهما وما بينهما؟
(د) وما هو الثرى؟
(هـ) وما معنى ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ﴾ إلخ؟
(و) وما السر وأخفى منه؟
(أ) (يأتي الكلام على الاستواء في موضعه إن شاء الله) .
(ب) اللام تفيد الملك، أي: أن جميع ما في السماوات وما في الأرض ملك الله كما أنهم خلقه وعبيده.
(جـ والمراد بما فيهما وما بينهما: الجن والإنس، والملائكة، والحيوانات، والجمادات، وسائر الموجودات.
(د) والثرى هو: التراب الندي.
(هـ) أما: ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ﴾ فيفيد سعة علمه، واطلاعه على عباده، أي: هو عالم بالجهر والإخفات، فتقدير الآية: وإن تجهر أو تخافت فإنه عالم بالجميع.
(و) والسر: حديث النفس، وما يخفيه الضمير، وأخفى منه: ما علم الله أنه سيخطر بالبال أو يدور في الخيال.
1 / 34
أحاط بكل شيء علما، وقهر كل مخلوق عزة وحكما، ووسع كل شيء رحمة وعلما، ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ .
_________
(أ) ما الإحاطة؟
(ب) وما القهر؟
(ج) وما الفرق بين العزة والحكم؟
(د) وكيف وسعت رحمته وعلمه كل شيء؟
(هـ) وما المراد بما بين أيديهم وما خلفهم؟
(و) وما معنى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾؟
(أ) الإحاطة: إدراك الشيء من كل جهاته، فالله تعالى محيط بكل المخلوقات مستول عليها، عالم بسرها وخفيها.
(ب) والقهر: القوة والغلبة التي تستلزم كمال التصرف كيف يشاء.
(ج) والحكم: وضع الشيء في مواضعه اللائقة به، والعزة: المنعة والقوة، والمعنى: أنه تعالى كما أنه القاهر لخلقه فهو غير ظالم لهم، بل قهره لهم بحق، وفي موضعه المناسب، وهو غاية المصلحة والحكمة.
(د) وأما سعة الرحمة: فقد قال تعالى ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾
1 / 35
أي: عمت جميع الخلق، والرحمة في الأصل: الرقة والشفقة التي تحمل على الحنو والحنان، والرفق والإحسان، والله تعالى موصوف بالرحمة التي تليق بكماله ففي الحديث: «أنه تعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها»، وأما سعة العلم فهو: كالإحاطة بكل شيء علما.
(هـ) قوله: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ قيل: ما بين أيديهم: الدنيا، وما خلفهم: الآخرة، وقيل: العكس، وقيل: ما بين أيديهم: ما بقي من أعمارهم، وما خلفهم: ما مضى لهم، والمراد: أنه عالم بكل الأحوال.
(و) ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ يفيد قصور علمهم عن الإحاطة بكيفية الباري، أو إدراك كنه صفة من صفاته، لكمال الله تعالى وتقدس، وضعف المخلوق ونقصه.
1 / 36
الواجب على المسلم نحو أسماء الله وصفاته
موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العظيم، وعلى لسان نبيه الكريم. وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى ﵇ من صفات الرحمن، وجب الإيمان به، وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل.
_________
(أ) ما طريقة أهل السنة في وصف الله تعالى؟
(ب) ولماذا وصف الكتاب: بالعظيم، والنبي: بالكريم؟
(ج) ولماذا عبر بقوله: أو صح عن المصطفى؟
(د) وما صفة الإيمان به؟
(هـ) وما معنى: تلقيه بالتسليم والقبول؟
(و) وما التعرض له بالرد والتأويل؟
(ز) وما الفرق بين التشبيه والتمثيل؟
(أ) يصفون الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ﷺ، لأنه تعالى أعلم بنفسه وبغيره، فلا يصفه أحد أعلم به منه، وكذا رسوله أعلم بمن أرسله، فلا يمكن أن يثبت لربه إلا ما أوقفه عليه، وكان إثباته دليل الكمال، وآية على صدقه فيما جاء به.
(ب) ووصف الكتاب: بالعظيم أي: عظيم الشأن، جليل القدر؛ ليكون أدعى إلى تعظيمه، وقبول ما جاء فيه من الصفات وغيرها، وعبر بقوله: (وعلى لسان نبيه الكريم) ليفيد أن ما قاله الرسول ﷺ فهو عن الله تعالى، هو الذي أجراه على لسانه، وهو من جملة رسالته التي بلغها إلى
1 / 37
الأمة، ووصفه بالكريم لكرمه على الله، ورفعة منزلته، وذلك من أسباب قبول ما جاء به.
(ج) أما قوله: (أو صح عن المصطفى) فاحترز بذلك عما لم يثبت من الأحاديث الضعيفة، فإنه لا يقبل في العقائد والأحكام إلا ما ثبت عنه ﵇، مما نقله وصححه الأئمة العدول، وقد قيض الله للأحاديث هؤلاء الأئمة الذين تتبعوها، وبينوا ما لم يثبت منها، والمراد بالمصطفى المختار أي: هو صفوة الله، وخيرته من خلقه.
(د) (وجب الإيمان به) أي: التصديق الجازم بالقلب، وعقده ويقينه بصحة كل ما ورد، وإثباته وصفا لله على ما يليق بجلاله وكماله.
(هـ) وأما تلقيه: فهو مقابلة ما ورد من ذلك (بالتسليم والقبول) تقول: تلقيت كلامه بصدر رحب أي: استقبلته بما يدل على تعظيمه واحترامه، والقبول ضد الرد، أي: الرضا به، واعتقاده من جملة الدين. (والتسليم) الانقياد لما دل عليه. والإذعان له، وعدم النفرة والإنكار لشيء من ذلك.
(و) وأما (التعرض) فهو: الاعتراض عليه، كأنه عرض نفسه في طريق النصوص، حتى لا ترد إلى قلبه على حقيقتها فمنها: ما يكذب به، ومنها: ما يحرفه، ومنها: ما يغالي في إثباته، وغير ذلك، (والرد) هو: الإنكار لذلك والتكذيب، وعدم قبوله كما وصف اليهود الذين ﴿نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ﴾، (والتأويل) صرفه عن ظاهره.
1 / 38
(ز) (والتشبيه والتمثيل): المغالاة في إثبات الصفات بجعلها كصفات الخلق؛ (فالتمثيل): اعتقاد أنها كصفاتهم من كل وجه (والتشبيه): جعلها شبيهة بها وقريبة منها، فالتمثيل أبلغ.
1 / 39
الكلام في المشكل من النصوص
وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظا، وترك التعرض لمعناه، ونرد علمه إلى قائله، ونجعل عهدته على ناقله، اتباعا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين، بقوله ﷾ ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ .
1 / 40
(أ) ماذا نقول فيما لم نفهم معناه من نصوص الصفات؟
(ب) وإلى من نكل علمه؟
(ج) وعلى من تكون عهدة الخطأ فيه؟
(د) ومن المراد بالراسخين في العلم؟
(هـ) وما طريقتهم في متشابه القرآن؟
(أ) يقبل أهل السنة كل ما في القرآن والحديث النبوي، وما اشتمل من ذلك على شيء من الصفات قالوا به، واعتقدوا حقيقة تلك الصفات على ما يليق بالموصوف تعالى، وإذا أشكل شيء من ذلك قبلوا لفظه، وفوضوا العلم بالمعنى والكيفية إلى عالمها، وذلك كصفة النزول، وكيفية الاستواء ونحوها، فإن النزول قد ثبت في الأحاديث الصحيحة ولكن توقف العلماء عن التقعر في كيفيته وهل يخلو منه العرش أم لا يخلو ... إلخ.
فالتفويض للمعنى أي: للكنه والماهية.
فأما المعنى اللغوي للنزول والاستواء، فهو معلوم عند أهل السنة، ولهذا جعلوهما من أدلة صفة العلو لله تعالى.
(ب) (ونرد علمه إلى قائله): وهو الله تعالى، والمبلغ عنه وهو: الرسول ﵊.
(ج) وإن كان فيه خطأ فالعهدة على من نقله؛ أي: اللوم والحساب على من تعمد الخطأ، وإنما قبلوا ما جاءهم بواسطة علمائهم الذين يثقون
1 / 41