Commentary on 'Al-‘Udda Sharh al-‘Umda' - Osama Suleiman
التعليق على العدة شرح العمدة - أسامة سليمان
Nau'ikan
صفة الغسل
قال في الشرح: [والغسل ضربان: غسل كمال وغسل إجزاء]، وهناك فرق بين الكمال والإجزاء، فمن فعل السنة وأدى الواجبات قبل ذلك واستكمل المستحبات فقد استكمل الغسل.
ومن اغتسل غسلًا كما هو وارد دون أن يفعل السنة فهذا يسميه العلماء إجزاء، أي: غسلًا أجزأه، والغسل الكمالي أن يفعل كما فعل النبي ﷺ: أولًا: أن يغسل مذاكيره، وبعد أن يغسل المذاكير يغسل اليدين، وبعد ذلك يغسل الرأس ثلاث مرات، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، وبالنسبة للقدمين تكون مع أعضاء الوضوء وقد تؤخر، فهذا ثابت في البخاري وهذا ثابت، وهذا من تعدد أفعال النبي ﵊، وبعد أن يتوضأ وضوءه للصلاة يسيل الماء على شقه الأيمن، ثم على شقه الأيسر، ثم يعمم الجسد بالماء، وهكذا يكون قد اتبع السنة في الغسل، وهذا نسميه غسل كمال؛ لأنه اتبع السنة كما وردت عن نبينا ﵊.
أما غسل الإجزاء كرجل وجد بحيرة ماء، ثم نزل فيها برأسه وتمضمض واستنشق وخرج، فإنه يكون بذلك قد أجزأ غسله ولم يدلك ولم يستخدم ليفة ولا صابونة ولا غير ذلك، بل وصل الماء إلى كل أنحاء الجسد ووصل إلى منابت الشعر وتحت الإبطين وبين الفخذين وعمم الجسد بالماء مع المضمضة والاستنشاق، فهذا نسميه غسل إجزاء؛ لذلك قال في الشرح: [واعلم أن الغسل ضربان: كمال وإجزاء]، فالكمال أن يتوضأ للصلاة ثم يغتسل بعد الوضوء، وقد دل عليه حديث عائشة وميمونة.
روت عائشة: (أن رسول الله ﷺ كان إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلاثًا قبل أن يضعها في الإناء، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يخلل شعر رأسه بيده) حتى يصل الماء إلى المنابت.
قال: (ويخلل لحيته بيده حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده) متفق عليه.
وقالت ميمونة: (توضأ رسول الله ﷺ وضوء الجنابة، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثًا، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره، ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثًا، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل سائر جسده، فأتيته بالمنديل فلم يردها، وجعل ينفض الماء بيديه)، متفق عليه.
هكذا وصفت عائشة وميمونة ﵄ غسل النبي ﷺ، وهذه صفة الكمال، أما صفة الإجزاء: فأن يعم بدنه بالماء في الغسل وينوي الغسل والوضوء ويتمضمض ويستنشق؛ لأن ذلك هو المأمور به.
قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة:٦]، وقال تعالى: ﴿حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء:٤٣].
إن الرسول ﷺ بعد أن غسل المذاكير ضرب يديه بالأرض؛ حتى يطهرهما مما قد يعلق بهما، وقد يستخدم الذي يريد الغسل الصابون، وهذا كان قبل أن تكون هناك مطهرات.
وغسل الرجل إما أن تقدمها مع الوضوء، وإما أن تؤخرها، وهذا وارد في كتاب الغسل عند البخاري في المجلد الأول.
2 / 6