ج١: الحمد رب العالمين ... لا شكَّ أن الدعوة إلى الله ﷾ عبادة.. كما أمر الله بها في قوله ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: ٥٢١]، والإنسان الداعي إلى الله يشعر وهو يدعو إلى الله ﷿ أنه ممتثل لأمر الله، متقرب إليه به، ولا شك أيضًا أن أحسن ما يُدعى به هو كتاب الله وسنة رسوله ﷺ؛ فإن كتاب الله ﷾ هو أعظم واعظ للبشرية ﴿يأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: ٥٧]، والنبي ﷺ كذلك، قوله أبلغ الأقوال موعظة، فقد كان يعظ أصحابه أحيانًا موعظة يصفونها بأنها وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فإذا تمكن الإنسان من أن تكون عظته بهذه الوسيلة؛ فلا شك أن هذه خير وسيلة، أي بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وإذا رأى أن يضيف إلى ذلك أحيانًا وسائل مما أباحه الله، فلا بأس بهذا، لا بأس بذلك، ولكن بشرط أن تكون هذه الوسائل لا تشتمل على شيء محرّم كالكذب، أو تمثيل دور الكافر مثلًا في التمثيليات، أو تمثيل الصحابة ﵃، أو أئمة المسلمين من بعد الصحابة، أو ما أشبه ذلك، مما يُخشى منه أن يُزْدَرى، أو أن يزدري أحدٌ من الناس هؤلاء الأئمة الفضلاء، وكذلك أيضًا لا تشتمل التمثيلية على تشبه رجلٍ بامرأة، أو بالعكس؛ لأن هذا مما ثبت فيه اللعن عن رسول الله ﷺ؛ فإنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء (١)، _________ (١) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب المتشبهين بالنساء، والمتشبهات بالرجال، رقم (٥٨٨٥) .