مؤلفيها، فلا يبقين مكان لتشكيك من شكك في صحة نسبة بعض كتب السلف إلى مؤلفيها، إذ لا يملك المشكك دليلًا يعتمد عليه في تقوية تشكيكه، إضافة إلى أن المشكك من خارج الدائرة فهو على غير معتقد هؤلاء الأئمة، وتشكيكه في صحة نسبة هذه الكتب إنما هو لهدف وهوى في نفسه وهو التشكيك في صحة المعتقد كله والله المستعان.
ومع هذا فيدعو ابن تيمية ﵀ إلى تقليب كتبه، والبحث عن أي قول يخالف فيه مذهب السلف الصالح، وقد أمهل مخالفه ليبحث في كتبه ثلاث سنوات، ومع هذا فلم يستطع المخالفون له - ومنهم بعض العلماء والقضاة - أن يجدوا نصًا يستندون إليه، يقول ﵀: (وقلت مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة التي أثنى عليها النبي ﷺ، حيث قال: «خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (١)، يخالف ما ذكرته فأنا راجع عن ذلك ...) (٢)، وهو ﵀ يقر بما أقر به السلف من وجوب اتباع الكتاب والسنة، قال ﵀: (من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع آثار رسول الله ﷺ باطنًا وظاهرًا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار) (٣) .
وقال - أيضًا -: (أما الاعتقاد فلا يؤخذ عني، ولا عمن هو أكبر مني، بل يؤخذ عن الله، ورسوله ﷺ، وما أجمع عليه سلف الأمة، فما كان في القرآن وجب اعتقاده، وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة) (٤) .
وقال - أيضًا -: (وأنتم تعلمون - أصلحكم الله - أن السنة التي يجب
(١) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٧/٣ كتاب فضائل أصحاب النبي ﷺ، باب فضائل أصحاب النبي ﷺ واللفظ له، ومسلم في صحيحه ٤/١٩٦٢ كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة، وورد بألفاظ مختلفة.
(٢) انظر: مناظرة في العقيدة الواسطية (ضمن مجموع فتاوى ابن تيمية ٣/١٦٩) .
(٣) الواسطية (ضمن مجموع فتاوى ابن تيمية ٣/١٥٧) .
(٤) مناظرة في العقيدة الواسطية (ضمن مجموع فتاوى ابن تيمية ٣/١٦١) .