Ciqd Thamin
العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين
Nau'ikan
قلنا: فلا يلزم الفرض إلا بما يعلم دون ما لا يعلم، ولأنه لا يخلو إما أن يظهر المعجز للتصديق، لزم ذلك في كل صادق، ومعلوم خلافه، لأن الأدلة تطرد، وإن كان لعلو الشأن وجب مثل ذلك في المؤمنين لعلو شأنهم عند رب العالمين، وإن كان لتنفيذ الأحكام وجب مثل ذلك في الأمراء والقضاة، وإن كان لأنه يبتدئ الشريعة ويؤسسها فذلك غير مقصود في الإمام، وشريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد علم من دينه ضرورة أنها لا تنسخ أبدا إلى انقطاع التكليف، وما ذكروا من أن الإمام يأتي بالجفرين الأحمر والأبيض وأن في أحدهما السلاح، وفي أحدهما القضايا والأحكام والحدود حتى ما يلزم في الخدش وحتى الحد بجلدة ونصف جلدة وربع جلدة، وأنه يأمر أصحابه يعلمون الناس القرآن كما انزل، كما ذكروا ذلك ورووه مسندا وأنهم يضربون قبابا في مسجد الكوفة ويعلمون الناس [القرآن](1) كما أنزل.
والذي يدل على بطلان ما ذكروه أن هذه الأحكام التي في الجفرين لا تخلو إما أن نكون متعبدين بها أو غير متعبدين، فإن كنا متعبدين وجب على الباري تعالى إيصالها إلينا ليصح التكليف بها، لأنه يقبح التكليف بما لا يعلم، وإن كنا غير متعبدين بها فلا وجه لكلامهم فيها، وادعاء تكليف جديد في شرع [النبي](2) صلى الله عليه وآله وسلم، وإن قالوا: إن الأمة حرمت أنفسها(3) ذلك لمنع الإمام.
قلنا: فلا بد من بلوغ الحجة عليها بعلم التكليف حتى تعصي في شيء قد أمرت به وعلمته أو تطيع فيه، ولأنكم معشر الإمامية في نهاية الإجتهاد في تقوية الإمام، فهلا أعلمكم بذلك لتعملوا بحسبه وتسلموا من الإختلاف الذي علمناه بينكم في الأصول والفروع، ولولا خشية التطويل لذكرناه في كتابنا هذا وهو معلوم لأهل المعرفة منا ومنكم، ولا بدنا من ذكر طرف منه يدل على غيره إن شاء الله.
Shafi 152