لو شئت لمددت يدي هذه القصيرة في أرضكم هذه الطويلة وضربت بها صدر معاوية بالشام وأخذت من شاربه! " [أو قال: من لحيته]، فمد يده (عليه السلام) وردها وفيها شعرات كثيرة، فقاموا وتعجبوا من ذلك. ثم اتصل الخبر بعد مدة بأن معاوية سقط من سريره في اليوم الذي كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مد يده فيه، وغشي عليه ثم أفاق وافتقد من شاربه شعرات كثيرة (1).
[الحديث] الثاني والثلاثون قريب مما مر، يروى عن سيدنا الصادق، عن أبيه الباقر، عن أبيه السجاد [(عليهم السلام)] قال:
" حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري في بعض الأيام بعد مضي أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: أحدثك يا سيدي بحديث رأيت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وسمعته، قال: كنت جالسا في بعض الأيام [مع] جندب بن جنادة الغفاري سيد بني غفار وأبي الهيثم بن التيهان وعمار بن ياسر وأبي الأسود وجماعة من أصحابه (عليه السلام) في زقاق الحبشة بالكوفة في صيف شديد الحر، فاجتاز بنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في تلك الساعة مارا نحو البادية بلا حذاء ولا رداء، مكشوف الرأس، وإن المبين من ورائه مثل النعامة البيضاء، قال: فما كلمنا ومضى.
قال بعضنا لبعض: هذا رجل قد وتر الدنيا ورماها عن كبد قوس واحدة وهو مار بين هذه القبائل بلا سيف ولا عترة وليس نأمن عليه من بعض جهال هذه القبائل أن يعتريه بما لا يتلافاه، فهل لكم أن نحتمل على أسيافنا ونلحقه؟ فأجمع رأينا على ذلك وانصرفنا إلى منازلنا واتبعناه (عليه السلام)، فلما صار في الصحراء التفت فنظر إلينا، فدعاني إليه وقبض على يدي وسار وسرت معه، فلما صار في الصحراء رأيت علو نفسه وظهر فيه من الانكسار، فتنفست الصعداء، فقال: " علام تنفست يا جابر؟ "
Shafi 44