المهدي ذو السيرة المرضية، فيشمر عن سق جده في نضرة هذه الأمة، حاسرًا عن ساعد زنده لكشف هذه الغمة، متحركًا لتسكين ثائرة الفتن عند التهابها، متقربًا لتبعيد دائرة المحن بعد اقترابها، صارفًا أعنة العناية لتدارك هذا الأمر، مباشرًا بنفسه الكريمة إطفاء هذا الجمر، مخلصًا في تخليص البلاد من أيدي الفسقة الفجرة، كافًا عن صلحاء العباد أكف المقرة الكفرة، وجبريل على مقدمته، وميكائيل على ساقته، والظفر مقرون ببنوده، والنصر معقود بألويته، وقد فرح أهل السماء وأهل الأرض والطير والوحش بولايته:
فيسر إلى الشام في طلب السفياني ... بجأش قوية وهمة سنية
وجيوش نضرة قد طبقت البرية ... ونفحات نشره قد طيبت البرية
فيهزم جيش السفياني ويذبحه عند بحيرة طبرية، فتندرس آثار الظلم وتنكشف حنادس الظلمة، وتعود المحنة منحة واللأواء نعمة.
ويخرج إليه من دمشق من مواليه عدد من المئين، هو أكرم العرب فرسًا وأجودهم سلاحًا يؤيد الله بهم الدين.
وتقبل الرايات السود من قبل المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد، يعيد الله تعالى بهم من الإسلام كل حلق جديد.
ثم يسير إلى دمشق في جيشه العرمرم، ويقيم بها مدة مؤيدًا منصورًا ومكرم، ويأمر بعمارة جامعها وترميم ما وهي منها وتهدم، وتنعم الأمة في أيامه نعمة لم ينعمها قبلها أحد من الأمم، فيا طوبى لدين أدرك تلك الأيام الغر وتملى بالنظر إلى تلك الغرة الغراء ولتربة تقبل أقدامه لثم