Cinaya Tamma
العناية التامة في تحقيق مسألة الإمامة
Nau'ikan
وهو أن الإمام شرط في القيام بالجهاد وفي حصول المقصود به وهو نكاية العدو، فالذي يدل على ذلك أنا نعلم ضرورة من جهة القادة أنه لو خرج معسكر عظيم لقتال عدو، وليس عليهم أمير يرجعون إلى أمره في تهيئة القتال وكيفيته، وترتيب مواضعه بل كل واحد منهم يعمل برأيه في ذلك يقاتل حيث يشاء، ويتأخر ويتقدم حيث يرى رأيه، ولا ناظم لأمرهم في ذلك، فإن العقلاء يحكمون عليه بالإخلال بالشرط الذي يتم به مطلوبهم من نكاية العدو ودفع مضرته، وأنهم عرضوا أنفسهم للكسيرة، وعدوهم للظفر بهم على ما نعلم في العادة من حال المعسكر الذي هذا حاله، ولا يدفع ذلك إلا معاند، وإذا ثبت ذلك في الخروج على العدو وجب مثله في التحرز من سطوته وهجومه؛ فإن قوما لو كان لهم عدو طالب لنكايتهم في إقامة رجل منهم كامل العقل والرأي في كل وقت لا يأمنون هجومه عليهم واستئصالهم شأفتهم، ولم ينظروا في إقامة رجل منهم كامل العقل والرأي ليتجرد للنظر فيما يدفع به ضرر خصمهم، ويحصل به التحرز من نكايته لا تشغله خويصة نفسه عن تدبير ذلك النظر فيه بل تركوا أمرهم شتى ينظر كل واحد منهم فيما يخص نفسه ويعود عليه وعلى عائلته منفعته ودفع مضرة ذلك العدو عن نفسه فقط، فإن العقلاء يحكمون عليهم بالإخلال بما يجب عليهم من دفع مضرة عدوهم عنهم، وأنهم بإخلالهم بذلك في حكم من لم يدفع الضرر عن نفسه، ووجوب دفع الضرر عن النفس معلوم به ضرورة، فعلم بذلك أن نصب الرئيس شرط في مجاهدة العدو مطلوبا كان أو طالبا؛ ولا شك أن الكفار والفساق منبسطون في الأرض على مرور الليالي والأيام، وأن
التكليف لمجاهدتهم مستمر وهو لا يستقيم ويتم المقصود به إلا بما ذكرناه من نصب الرئيس الكامل بشروط الإمامة بما علمناه ضرورة من جهة العادة، فلزم القضاء بوجوب نصبه إذ ما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه.
وأما الأصل الرابع
وهو أنه ممكن للأمة، فذلك معلوم ضرورة.
Shafi 189