Cinaya Sharh Hidaya
العناية شرح الهداية
Mai Buga Littafi
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م
Inda aka buga
لبنان
Nau'ikan
Fikihu na Hannafi
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً وَيَعْلَمُ صَاحِبُهَا أَنَّهُ لَا قَذَرَ عَلَى مِنْقَارِهَا لَا يُكْرَهُ، وَاسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ (وَ) سُؤْرُ (مَا يَسْكُنُ الْبُيُوتَ كَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ) (مَكْرُوهٌ) لِأَنَّ حُرْمَةَ اللَّحْمِ أَوْجَبَتْ نَجَاسَةَ السُّؤْرِ إلَّا أَنَّهُ سَقَطَتْ النَّجَاسَةُ لِعِلَّةِ الطَّوْفِ فَبَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْعِلَّةِ فِي الْهِرَّةِ.
قَالَ (وَسُؤْرُ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ مَشْكُوكٌ فِيهِ) قِيلَ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ طَاهِرًا لَكَانَ طَهُورًا مَا لَمْ يَغْلِبْ اللُّعَابُ عَلَى الْمَاءِ،
ــ
[العناية]
عَظْمٌ جَافٌّ، بِخِلَافِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ فَإِنَّهَا تَشْرَبُ بِلِسَانِهَا وَهُوَ رَطْبٌ بِلُعَابِهَا، وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى كَرَاهَتِهِ بِمَا تُشْبِهُ بِهِ الْمُخَلَّاةَ وَهُوَ أَكْلُ الْمَيْتَاتِ إلْحَاقًا لَهَا بِهَا (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا) أَيْ سِبَاعَ الطَّيْرِ (إذَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً وَيَعْلَمُ صَاحِبُهَا أَنَّهُ لَا قَذَرَ عَلَى مِنْقَارِهَا لَا يُكْرَهُ، وَاسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ) قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الطَّيْرُ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَيْتَةَ كَالْبَازِي الْأَهْلِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ الْوُضُوءُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَسُؤْرُ مَا يَسْكُنُ الْبُيُوتَ) طَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ: (وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْعِلَّةِ فِي الْهِرَّةِ) قِيلَ مَعْنَاهُ: وَبَقِيَ التَّنْبِيهُ عَلَى الْعِلَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْهِرَّةِ، وَقِيلَ هُوَ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَاذَا الَّذِي دَلَّكُمْ عَلَى كَوْنِ الطَّوْفِ عِلَّةً لِسُقُوطِ النَّجَاسَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَلَّلَ لِسُقُوطِ النَّجَاسَةِ عَنْ سُؤْرِ الْهِرَّةِ بِعِلَّةِ الطَّوْفِ بِقَوْلِهِ ﵊ «إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» دَفْعًا لِلْحَرَجِ، وَقَدْ وُجِدَ الطَّوْفُ فِي سَوَاكِنِ الْبُيُوتِ أَزْيَدَ مِنْهُ فِي الْهِرَّةِ، فَإِنَّ ثُلْمَةَ الْبَيْتِ إذَا سُدَّتْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَدْخُلَ الْهِرَّةُ فِيهِ، وَأَمَّا سَوَاكِنُ الْبُيُوتِ كَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَنْعُهَا عَنْ الطَّوْفِ، فَكَانَ تَنْبِيهًا عَلَى سُقُوطِ النَّجَاسَةِ فِيهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَكَانَ الْعَلَّامَةُ الْكَرْدَرِيُّ يَقُولُ: اللَّهُ تَعَالَى عَلَّلَ لِسُقُوطِ وُجُوبِ الِاسْتِئْذَانِ بِعِلَّةِ الطَّوْفِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [النور: ٥٨] وَاسْتَدَلَّ النَّبِيُّ ﷺ فِي سُؤْرِ الْهِرَّةِ بِتَعْلِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ عَلَى سُقُوطِ النَّجَاسَةِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀ بِتَعْلِيلِهِ ﷺ فِي سُؤْرِ الْهِرَّةِ عَلَى سُقُوطِ نَجَاسَةِ سُؤْرِ سَوَاكِنِ الْبُيُوتِ لِعِلَّةِ الطَّوَافِ.
قَوْلُهُ: (وَسُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ مَشْكُوكٌ فِيهِ) هَذِهِ عِبَارَةُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ، وَأَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ مَشْكُوكًا فِيهِ. وَقَالَ: سُؤْرُ الْحِمَارِ طَاهِرٌ لَوْ غُمِسَ فِيهِ ثَوْبٌ جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَهُ، إلَّا أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ فَأَمَرَ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ، وَالْمَشَايِخُ قَالُوا: الْمُرَادُ بِالشَّكِّ التَّوَقُّفُ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ، وَالشَّافِعِيُّ ﵀ يَجْعَلُهُ طَاهِرًا وَطَهُورًا؛ لِأَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ يُنْتَفَعُ بِجِلْدِهِ فَسُؤْرُهُ طَهُورٌ عِنْدَهُ.
وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّ الشَّكَّ فِي طَهَارَتِهِ أَوْ فِي طَهُورِيَّتِهِ، فَقِيلَ فِي طَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ طَاهِرًا لَكَانَ طَهُورًا مَا لَمْ يَغْلِبْ اللُّعَابُ عَلَى الْمَاءِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَاطَ الطَّاهِرِ
1 / 113