لاحظت أن الرجال الذين وجه إليهم هذا الكلام يبتسمون في سخرية. كانوا يعرفون أن عكا لم تهدم، وأن الجيش التركي لم يقض عليه ، وأن الحصار تم رفعه لأنهم هزموا، وأن نصفهم قتلوا في سبيل مغامرة فاشلة.
الإثنين 20 مايو
قام العدو بهجوم مضاد دام طول اليوم، وظل الترك يلقون بأنفسهم في خنادقنا. وبعد هبوط الظلام بدأ الرحيل.
سارت القيادة مسبوقة بجميع البيارق المستولى عليها. وعندما ولجنا أول قرية نشروها وصدحت الموسيقى. وكنت أنا وبقية المترجمين خلفهم مباشرة على أقدامنا.
كانت وسائل النقل تكاد تكون معدومة. وتعين على الجنود أن يحملوا الجرحى والمرضى الذين قدر هوية عددهم ب 1200 واحد. فضلا عن أربعين قطعة من المدفعية.
وسار بونابرته على الأقدام وترك مركبته لمونج وبرتولليه وكوستا الناقهين، وأخذوا معهم رجلين مصابين بالطاعون، وزوجة جندي ترضع طفلا. ولم يصب أحد بالعدوى.
بلغنا حيفا في منتصف الليل. وأشرفنا على نحو مائة مريض وجريح وسط ميدان فسيح. وملأ المساكين الجو بصراخهم. وكان بعضهم يمزقون أربطتهم ويتمرغون في التراب. جمدنا لهذا المنظر فتوقفنا وعين لكل كتيبة رجال لحمل الجرحى والمرضى بين أذرعتهم إلى طنطورة، ثم استأنفنا السير.
في طنطورة وجدنا على الساحل 700 من الجرحى ومرضى الطاعون، ولم تكن هناك سفينة واحدة لنقلهم. وتطلب الأمر دفن مزيد من المدافع والذخيرة وإحراقها لتوفير الخيل لنقل الجرحى والمرضى. وفي أثناء القيام بهذه المهمة انفجر صندوق ذخيرة فقتل وشوه عددا من الواقفين. رأيت رجالا مبتوري الأطراف يلقيهم حاملوهم فوق النقالات. ورأيت مجروحين ومرضى بالطاعون يتركون في الحقول.
وكان يضيء لنا الطريق في سيرنا المشاعل التي يحرق بها الفرنساوية القرى والدساكر والمحاصيل الغنية. وعلى الجانبين رقد الموتى. وسمعت أحدهم يصرخ: إنني جريح فقط ولست مصابا بالطاعون. لكن أحدا لم يصدقه.
الجمعة 24 مايو
Shafi da ba'a sani ba