ظهر الاستنكار على وجه عبد الظاهر، وقال: كافر وكافرة.
دخل قبطان فرنسي برفقة امرأة من أولاد البلد المخلوعين. رماها عبد الظاهر بعيون نارية، وقال: هي وأمثالها يستحقون القتل.
قال حنا: قوما معي لنرى زينب فموعد خروجها الآن.
مضينا نحو الموسكي وعبرنا القنطرة، وسرنا بين المتاجر المتخصصة في بضائع أوروبا: جوخ، ورق، مناديل، سجاجيد، تبغ، صابون، تين مجفف، سكاكين، أمواس، شيلان، أكواب زجاجية، سكر، ساعات حائط، فانلات منقوشة، ساعات ذهبية، دبابيس. مررنا بعطفة تؤدي إلى حارة اليهود حتى وصلنا العتبة. سرنا في اتجاه شارع مشتهر، ثم انحرفنا يسارا قرب جامع الكخيا . استوقفنا زحام من الناس. وتبينا أن حمارين اصطدما بسبب السرعة، وكان الراكبان فرنسيين، وقد تكرر هذا في الآونة الأخيرة بسبب من السرعة التي يسوق بها الفرنساوية. ولاحظت أن عددا من المحلات التجارية رفعت لافتات باللغة الفرنساوية. وكان الجابي أمام أحدها.
كان في زي المماليك المؤلف من السراويل الفضفاضة الطويلة المشدودة فوق الكعبين والعمامة فوق القاووق، وحول وسطه منطقة علق بها خنجر من الأمام، وعلى منكبيه جبة تدلى على جانبها الأيمن سيف معقوف. برفقته جندي فرنسي يحمل دفترا كبيرا فيه أسماء التجار، وبيانات عن الضرائب المطلوبة منه، ومعه الكاتب وعلى رأسه عمامة كبيرة، وفي منطقته دواة مستطيلة من النحاس.
بعد عدة عطفات ولجنا درب عبد الحق حتى الدار التي أنشأها علي بك الكبير على بركة الأزبكية لمحظيته خاتون التي تزوجها مراد بك من بعده. كانت دار البكري بجوارها وتطل على البحيرة.
رأينا أمامها جمعا غفيرا من أولاد الكتاتيب والفقهاء والعميان والمؤذنين وأرباب الوظائف. وعرفنا منهم أنهم يشتكون إلى الشيخ البكري من قطع رواتبهم وخبزهم لأن الأوقاف استولى على نظارتها النصارى القبط والشوام.
خرجت جماعة منهم من البيت بعد قليل. وشرع الجميع في الانصراف.
وقفنا على مبعدة ننتظر. وعند الغروب ولجت الدرب مركبة فاخرة يجرها جوادان. وفي مقدمتها يجلس جنديان ثبت ريش النعام في قلنسوتيهما.
قلنا في نفس واحد: مركبة ساري عسكر. فلم يكن يركبها أحد غير بونابرته.
Shafi da ba'a sani ba