الإثنين 6 يوليو
جاء رسول لأستاذي يدعوه للاجتماع بالديوان، فقال لي: تعال معي.
قلت: أهذا من الفطنة ؟ الناس لن تسامح من يحضر اجتماعاته.
قال: هذا آخر الدواوين، ولا بد أن نحضره. وعليك أن تحفظ جيدا ما يدور من كلام.
ذهبت برفقته حيث اجتمع المشايخ والتجار، وأستوف الخازندار، والوكيل والترجمان. فلما تكامل حضورهم وفرشوا سجاجيدهم وجلسوا عليها أخرج الوكيل كتابا مختوما من ساري عسكر منو ناوله لرئيس الديوان ففضه وناوله للترجمان، فقرأه والحاضرون يسمعون.
ثم تحدث أستوف الخازندار قائلا: أعلمكم أن ما علي أني أكلمكم في أسباب خروجنا من الديار المصرية، بل وظيفتي تدبير أمور السياسة فقط، ومجيئي عندكم لأجل أن أعرفكم قدر ما هو من الصعوبة. كل واحد منكم رأى المحبة والأخوة التي كانت موجودة ما بين الفرنساوية وما بين أهل الديار المصرية، قد كان الجيش والأهل المذكورون مثل الرعية الواحدة، واسم حضرة بونابرته القنصل الأول في عز الكفالة عندكم وعندنا ... هذا الشجاع الأعظم الذي عقله ما له مثيل، كان يستحق أنه يكون حاكما عليكم دائما. ومن وقت ما التزم بسبب التعب الذي حصل له في بلده أن يتوجه إليه، ما ضاع منكم العشم، أن يترتب في الديار المصرية التدبير الذي كان وعدكم به وقت ما كان عندكم، والعدل الذي كان ممنوعا عنكم في الأحكام السابقة قد وصل إليكم بواسطته ... وهب أن يصادف يوم أننا نرجع إلى عندكم لأجل تمام الخير الذي يصدر من حكم الفرنساوي، والذي ما أمكننا تتميمه، فلا تتوهموا يا مشايخ ويا علماء أن فراقنا لم يقع إلا من مدة، وذلك محقق عندي، ولا بد أن دولتينا يربطون ثانيا في مدة قريبة المحبة القديمة التي كانت بينهم وبينكم.
وانفض الديوان، وركب المشايخ وخرجوا للسلام على الوزير العثمانلي يوسف باشا الذي يقال له الصدر الأعظم، والسلام على القادمين معه أيضا من الأمراء المصرية والمحروقي وعمر مكرم.
شعرت بأن أستاذي في قلق لأنه كان يعض طرف شاربه. وقال لي: ادع ربك أن يستقبلنا الوزير ولا يأمر بحبسنا؛ فلن يغفروا لمن شارك في الديوان.
وصلنا إلى المضرب فسلمنا على إبراهيم بك، وتوجه معنا إلى الوزير، فلما وصلنا إلى الصيوان أمروا المشايخ برفع الطيالسة التي على أكتافهم، وتقدموا للسلام عليه. وصح ما توقعه أستاذي فلم يقم لقدومهم. وجلسنا بعض الوقت ثم انصرفنا.
الأربعاء 8 يوليو
Shafi da ba'a sani ba