Ilimi Wasim
العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم
Nau'ikan
هذا ولما كانت الهداية والتعليم يقتضي شيئين تعريفا من المعرف وتعريفا من المعرف وبهما تتم الهداية والتعليم، فإنه متى حصل البذل من الهادي والمعلم ولم يحصل القبول صح أن يقال لم يهد ولم يعلم اعتبارا بعدم القبول، وصح أن يقال: هدى وعلم اعتبار بدعائه وبذله وتمكينه فإذا كان كذلك صح أن يقال: إن الله لم يهد الكافرين والفاسقين والظالمين من حيث إنه لم يحصل القبول الذي هو تمام الهداية والتعليم وصح أن يقال هداهم وعلمهم من حيث إنه حصل البذل والتعليم والتمكين التي هي مبدأ الهداية فعلى الاعتبار بالأول يصح أن يحمل قوله تعالى: {والله لا يهدي القوم الظالمين } وما في معناها، وعلى الثاني قوله تعالى: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} والأولى حيث لم يحصل القبول المفيد فيقال: هداه الله فلم يهتد كقوله: {وأما ثمود...} سوى، وقوله: {لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء}، وقوله: {وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله} فهم الذين قبلوا هداه واهتدوا به، وقوله: {اهدنا الصراط المستقيم} إما تعبد بطلب الحاصل أو بمعنى التوفيق والقبول، وقيل: دعاء بالحفظ عن غواية الغواة، والهدى والهداية في موضوع اللغة واحد لكن خص الله لفظة الهدى بمن تولاه وأعطاه واختص هو به دون ما هو إلى الإنسان نحو: {هدى للمتقين}[البقرة:2]، { أولئك على هدى من ربهم}[البقرة:5]، {وهدى للناس}[الأنعام:91]، {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي}[البقرة:38]، فلأن {هدى الله هو الهدى}، {وهدى وموعظة للمتقين}، {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}[الأنعام:35]، {إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل}[النحل:37]، {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى}[البقرة:175]، والاهتداء يختص بما يتحراه الإنسان على طريق الاختيار أما في الأمور الدنيوية أو الأخروية قال تعالى: {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها}[الأنعام:97] وقال: {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا}[النساء:98] ويقال ذلك لطلب الهداية نحو: {وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون}[البقرة:53]، وقال: {فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون}[البقرة:150]، {فإن أسلموا فقد اهتدوا}[آل عمران:20]، {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}[البقرة:137]، ويقال: المهتدي لمن يقتدي بعالم أو غيره نحو: {أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون}[المائدة:104]، تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم، وقوله: {فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها}[يونس:108] فإن الاهتداء هاهنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية ومن الاقتداء أو من جزئيها وكذا قوله: {وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}[النمل:24]، وقوله: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى}[طه:82] فمعناه ثم أدام طلب الهداية ولم يفتر عن تحريه ولم يرجع إلى المعصية، وقوله: {الذين إذا أصابتهم مصيبة...} إلى قوله: {وأولئك هم المهتدون}[البقرة:156،157] أي الذين تحروا هدايته وقبلوها وعملوا بها، وقال مخبرا عن القائل: {يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون}[الزخرف:49].
Shafi 195