[الجزء الأول]
علل الشرائع
الشيخ الصدوق ج 1
---علل الشرائع ¶ الشيخ الصدوق ج 1 ¶ ---
علل الشرايع
للشيخ الصدوق
تأليف الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ره المتوفى سنة 381 ه
الجزء الاول
منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها في النجف 1385 ه - 1966 م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين، وسلم تسليما. قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه القمي رضى الله عنه وأرضاه جعل الجنة منقلبة ومثواه. (باب 1 - العلة التى من أجلها سميت السماء سماء والدنيا دنيا) (والآخرة آخرة. والعلة التى من أجلها سمى آدم آدم) (وحواء حواء، والدرهم درهما، والدينار دينارا عد والعلة التي) (من أجلها قيل للحمار: حر) 1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضى الله عنه قال حدثنا محمد بن يعقوب عن علي بن محمد باسناده رفعه قال: أتى علي بن أبي طالب " ع " يهودى فقال يا أمير المؤمنين إنى أسألك عن أشياء إن أنت أخبرتني بها أسلمت، قال علي " ع " سلني يا يهودي عما بدالك فانك لا تصيب أحدا أعلم منها أهل البيت، فقال له اليهودي أخبرني عن قرار هذه الارض على ما هو، وعن شبه الولد أعمامه وأخواله، وعن أي النطفتين يكون الشعر والدم واللحم والعظم والعصب ولم سميت السماء سماء، ولم سميت الدنيا دنيا، ولم سميت الآخرة آخرة، ولم سمي آدم آدم، ولم سميت حواء حواء، ولم سمى الدرهم درهما، ولم سمى الدينار دينارا، ولم قيل للفرس
--- [ 2 ]
Shafi 1
أجد، ولم قيل للبغل عد، ولم قيل للحمار حر؟ فقال عليه السلام أما قرار هذه الارض لا يكون إلا على عاتق ملك، وقدما ذلك الملك على صخرة، والصخرة على قرن ثور، والثور قوائمه على ظهر الحوت في اليم الاسفل، واليم على الظلمة، والظلمة على العقيم، والعقيم على الثرى، وما يعلم تحت الثرى إلا الله عز وجل، وأما شبه الولد أعمامه وأخواله فإذا سبق نطفة الرجل نطفة المرأة إلى الرحم خرج شبه الولد إلى اعمامه، ومن نطفة الرجل يكون العظم والعصب وإذا سبق المرأة نطفة الرجل إلى الرحم خرج شبه الولد إلى أخواله، ومن نطفتها يكون الشعر والجلد واللحم إلى الرحم خرج شبه الولد إلى أخواله، ومن نطفتها يكون الشعر والجلد واللحم لانها صفراء رقيقة. وسميت السماء سماء: لانها وسم الماء يعني معدن الماء. وانما سميت الدنيا دنيا: لانها ادنى من كل شئ. وسميت الآخرة آخرة لان فيها الجزاء والثواب. وسمى آدم آدم لانه خلق من أديم الارض، وذلك ان الله تعالى بعث جبرئيل عليه السلام وأمره ان يأتيه من أديم الارض بأربع طينات طينة بيضاء وطينه حمراء وطينة غبراء وطينة سوداء وذلك من سهلها وحزنها ثم أمره ان يأتيه باربع مياه: ماء عذب، وماء ملح، وماء مر، وماء منتن. ثم أمره ان يفرغ الماء في الطين وأدمه الله بيده فلم يفضل شئ من الطين يحتاج إلى الماء، ولا من الماء شئ يحتاج إلى الطين، فجعل الماء العذب في حلقه، وجعل الماء المالح في عينية، وجعل الماء المر في اذنيه، وجعل الماء المنتن في أنفه. وانما سميت حواء حواء لانها خلقت من الحيوان، وانما قيل للفرس أجد لان أول من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل، وانشأ يقول: أجد اليوم وما ترك الناس دما فقيل للفرس أجد لذلك، وانما قيل للبغل عد، لان أول من ركب البغل آدم عليه السلام وذلك كان له ابن يقال معد، وكان عشوقا للدواب، وكان يسوق بآدم " ع " فإذا تقاعس البغل نادى يا معد سقها فألفت البغلة أسم معد، فترك الناس " ميم " معد وقالو عد وانما قيل للحمار حر لان أول من ركب الحمار حواء،
--- [ 3 ]
Shafi 2
وذلك انه كان لها حمارة وكانت تركبها لزيارة قبر ولدها هابيل فكانت تقول في مسيرها واحراه فإذا قالت الكلمات سارت الحمارة وإذا سكتت تقاعست فترك الناس ذلك وقالوا حر، وانما سمى الدرهم درهما، لانه دراهم من جمعه ولم ينفقه في طاعة الله أورثه النار، وانما سمى الدينار دينارا، لانه دار النار من جمعه ولم ينفقه في طاعة الله فاورثه النار. فقال اليهودي: صدقت يا أمير المؤمنين، إنا لنجد جميع ما وصفت في التوراة فاسلم على يده ولازمه حتى قتل يوم صفين. (باب 2 - العلة التى من أجلها عبدت النيران) 1 - أبى رحمه الله قال -: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبى الخطاب وأحمد بن محمد بن عيسى جميعا قال: حدثنا محمد بن سنان عن اسماعيل بن جابر وكرام بن عمرو عن عبد الحميد بن أبى الديلم عن أبى عبد الله عليه السلام قال: ان قابيل لما رأى النار قد قبلت قربان هابيل قال له ابليس: ان هابيل كان يعبد تلك النار، فقال قابيل لا اعبد النار التي عبدها هابيل ولكن اعبد نارا اخرى وأقرب قربانا لها فتقبل قربانى، فبنى بيوت النار فقرب، فلم يكن له علم بربه عزوجل، ولم يرث منه ولده إلا عبادة النيران. (باب 3 - العلة التى من أجلها عبدت الاصنام) 1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى قال: حدثنى محمد بن خالد البرقى قال: حدثنى حماد بن عيسى عن حريز ابن عبد الله السجستاني عن جعفر بن محمد عليهما السلام، في قوله الله عزوجل (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سوعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) قال: كانوا يعبدون الله عزوجل فماتوا، فضج قومهم وشق ذلك عليهم فجاءهم ابليس لعنه الله فقال لهم: اتخذ لكم اصناما على صورهم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله فاعد لهم اصناما على مثالهم فكانوا يعبدون الله عزوجل وينظرون إلى تلك الاصنام، فلما جاء هم الشتاء والامطار أدخلوا الاصنام البيوت فلم يزالوا
--- [ 4 ]
Shafi 3
يعبدون الله عزوجل حتى هلك ذلك القرن ونشأ أولادهم فقالوا: ان آباءنا كانوا يعبدون هؤلاء فعبدوهم من دون الله عزوجل فذلك قول الله تبارك وتعالى (ولا تذرن ودا ولا سواعا) الآية. (باب 4 - العلة التى من أجلها سمى العود خلافا) 1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن، عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن الحسن بن محبوب عن النعمان عن بريد بن معاوية العجلي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: انما سمى العود خلافا، لان ابليس عمل صورة سواع من العود على خلاف صورة ود فسمى العود خلافا، وهذا في حديث طويل اخذنا منه موضع الحاجة. (باب 5 - العلة التى من أجلها تنافرت الحيوان من) (الوحوش والطير والسباع وغيرها) 1 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن ارومة عن عبد الله بن محمد عن حماد بن عثمان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: كانت والوحوش والطير والسباع وكل شئ خلق الله عزوجل مختلطا بعضه ببعض فلما قتل ابن آدم أخاه نفرت وفزعت فذهب كل شئ إلى شكله. (باب 6 - العلة التى من أجلها صار في الناس من هو خيرمن الملائكة) (وصار فيهم من هو شر من البهائم) 1 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد بن عيسى عن على ابن الحكم عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام فقلت الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال: قال أمير المؤمنين علي ابن أبى طالب " ع ": ان الله عزوجل ركب في الملائكة عقلا بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل. وركب في بني آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته
--- [ 5 ]
Shafi 4
فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم. (باب 7 - العلة التى من أجلها صارت الانبياء والرسل) (والحجج صلوات الله عليهم أفضل من الملائكة) 1 - حدثنا الحسن بن محمد سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم ابن فرات الكوفي قال: حدثنا محمد بن احمد بن علي الهمداني قال: حدثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري قال: حدثنا محمد بن القاسم بن ابراهيم بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبى بكر قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي ابن أبى طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما خلق الله خلقا أفضل مني ولا اكرم عليه منى، قال: علي عليه السلام فقلت يارسول الله فانت أفضل أم جبرئيل فقال يا على، ان الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع النيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللائمة من بعدك، وان الملائكة لخدامنا وخدام محبينا. يا على، الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا، يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار، ولا السماء ولا الارض، فكيف لا تكون أفضل من الملائكة، وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه، لان أول ما خلق الله عزوجل خلق أرواحنا فانطقنا بتوحيده وتحميده، ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة إنا خلق مخلوقون، وانه منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا، فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا، لتعلم الملائكة ان لا اله إلا الله وإنا عبيد ولسنا بآلهة يجب ان نعبد معه أو دونه، فقالوا: لا إله إلا الله، فلما شاهدوا كبر محلنا كبرنا لتعلم الملائكة ان الله اكبر من ان ينال عظم المحل إلا به، فلما شاهدوا ما جعله
--- [ 6 ]
Shafi 5
الله لنا من العز والقوة قلنا لاحول ولاقوة إلا بالله لتعلم الملائكة ان لا حول لنا ولا قوة إلا بالله، فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا الحمد لله لتعلم الملائكة ما يحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمته، فقالت الملائكة: الحمد لله فبنا أهتدو إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده، ثم ان الله تبارك وتعالى خلق آدم فاودعنا صلبة وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا واكراما. وكان سجودهم لله عزوجل عبودية ولآدم اكراما وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون، وانه لما عرج بى إلى السماء أذن جبرئيل مثنى مثنى، واقام مثنى مثنى، ثم قال لي تقدم يا محمد، فقلت له يا جبرئيل أتقدم عليك؟ فقال: نعم، لان الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين، وفضلك خاصة. فتقدمت فصليت بهم ولا فخر، فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل تقدم يا محمد وتخلف عنى، فقلت يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال يا محمد: ان انتهاء حدى الذي وضعني الله عزوجل فيه إلى هذا المكان فان تجاوزته أحترقت أجنحتي بتعدي حدود ربى جل جلاله فزج بى في النور زجة حتى أنتهيت إلى حيث ما شاء الله من علو ملكة فنوديت يا محمد، فقلت: لبيك ربي وسعد يك تباركت وتعاليت، فنوديت يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلي فتوكل، فانك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي على بريتي، لك ولمن أتبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلفت ناري، ولاوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتهم أوجبت ثوابي، فقلت يا رب: ومن أوصيائي، فنوديت يا محمد: أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي، فنظرت وأنا بين يدي ربى جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثنى عشر نورا، في كل نور سطر أخضر عليه إسم وصي من أوصيائي، أولهم: علي بن أبي طالب، وآخرهم مهدي أمتي، فقلت يا رب هؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت يا محمد هؤلاء أوليائي وأصيائي وحججى بعدك على بريتي وهم أوصياؤك
--- [ 7 ]
Shafi 6
وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالى، لاظهرن بهم ديني ولاعلين بهم كلمتي ولاطهرن الارض بآخرهم من أعدائي، ولامكننه مشارق الارض ومغاربها، ولاسخرن له الرياح، ولاذللن له السحاب الصعاب، ولارقينه في الاسباب، ولانصرنه بجندي ولامدنه بملائكتي حتى تعلو دعوتي ويجتمع الخلق على توحيدي، ثم لاديمن ملكه، ولاداولن الاليام بين أوليائي إلى يوم القيامة. 2 - حدثنا علي بن احمد بن عبد الله البرقى قال: حدثني أبى، عن جده احمد ابن أبي عبد الله، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير، عن عمرو بن جميع عن أبى عبد الله عليه السلام قال: كان جبرئيل إذا أتى النبي صلى الله عليه وآله قعد بين يده قعده العبد، وكان لا يدخل حتى يستأذنه. 3 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا علي ابن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن احمد بن محمد بن أبى نصر البزنطي ومحمد بن أبى عمير جميعا عن ابان عثمان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لما كان يوم أحد انهزم أصحاب رسول الله حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب " عليه السلام " وأبو دجانة سماك بن خرشة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله يا أبا دجانة، أما ترى قومك، قال بلي قال: إلحق بقومك، قال: ما على هذا بايعت الله ورسوله قال: أنت في حل قال: والله لا تتحدث قريش بانى خذلتك وفررت حتى أذوق ما تذوق فجزاه النبي خيرا وكان علي عليه السلام كلما حملت طائفة على رسول الله استقبلهم وردهم حتى اكثر فيهم القتل والجراحات حتى انكسر سيفه فجاء الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يارسول الله ان الرجل يقاتل بسلاحه وقد انكسر سيفي فاعطاه عليه السلام سيفه ذالفقار، فما زال يدفع به عن رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أثر وانكسر فنزل عليه جبرئيل وقال: يا محمد، ان هذه لهي المواسات من علي لك، فقال النبي صلى الله عليه وآله انه مني وأنا منه، فقال جبرئيل وأنا منكما. وسمعوا دويا من السماء لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على.
--- [ 8 ]
Shafi 7
قال: مصنف هذا الكتاب رحمه الله، قول جبرئيل: وانا منكما، تمنى منه لان يكون منهما فلو كان أفضل منهما لم يقل ذلك ولم يتمن ان ينحط عن درجته إلى ان يكون ممن دونه، وإنما قال: وأنا منكما ليصير ممن هو أفضل منه فيزداد محلا إلى محله، وفضلا إلى فضله. 4 - حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري رحمه الله قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة قال: حدثنا الفضل بن شاذان. عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لما أسرى برسول الله صلى الله عليه وآله وحضرت الصلاة إذن جبرئيل وأقام الصلاة، فقال يا محمد تقدم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله تقدم يا جبرئيل، فقال له: إنا لانتقدم على الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم. 5 - حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الوهاب القرشي قال: أخبرنا أحمد ابن الفضل قال حدثنا منصور بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا الحسن بن مهزيار قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم العوفي قال: حدثنا احمد بن الحكم البراجمي قال: حدثنا شريك بن عبد الله، عن أبى وقاص العامري عن محمد بن عمار ابن ياسر، عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول ان حافظي علي بن أبي طالب ليفتخران على جميع الحفظة لكينونتهما مع علي وذلك انهما لم يصعد إلى ا لله تعالى بشئ منه يسخط الله تبارك وتعالى. (باب 8 - في أنه لم يجعل شئ إلا بشئ) 1 قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمى الفقيه مصنف هذا الكتاب رحمة الله عليه. حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن احمد ابن الوليد رضى الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبى عمير، عن جميل بن دراج عن أبى عبد الله " ع " انه سأله شئ من الحلال والحرام، فقال انه لم يجعل شئ إلا لشئ.
--- [ 9 ]
Shafi 8
(باب 9 - علة خلق الخلق واختلاف أحوالهم) 1 - حدثنا أبى رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيدالله عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن عبد الكريم بن عبد الله عن سلمة ابن عطا عن أبى عبد الله " ع " قال : خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال: أيها الناس ان الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوه أستغنوا بعبادته عن عبادة من سواه، فقال له رجل: يابن رسول الله بأبي أنت وأمى فما معرفة الله؟ قال معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته. قال: مصنف هذا الكتاب - يعني ذلك - ان يعلم أهل كل زمان ان الله هو الذى لا يخليهم في كل زمان عن إمام معصوم، فمن عبد ربا لم يقم لهم الحجة فانما عبد غير الله عزوجل. 2 - حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودى قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهرى قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد " ع " فقلت له لم خلق الله الخلق؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى بل خلقهم لاظهار قدرته وليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم الابد. 3 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن سهل بن زياد، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع، عن محمد بن زيد قال: جئت إلى الرضا " ع " أسأله عن التوحيد، فأملى على الحمد لله فاطر الاشياء إنشاءا ومبتدعها إبتداءا بقدرته وحكمته، لامن شئ فيبطل الاختراع، ولا لعله فلا يصح الابتداع، خلق ما شاء كيف شاء متوحدا بذلك لاظهار حكمته وحقيقة ربوبية، لا تضبطه العقول ولا تبلغه الاوهام ولا تدركه الابصار ولا يحيط به مقدار
--- [ 10 ]
Shafi 9
عجزت دونه العبارة، وكلت دونه الابصار، وضل فيه تصاريف الصفات إحتجب بغير حجاب محجوب، وأستتر بغير ستر مستور، عرف بغير رؤية ووصف بغير صورة، ونعت بغير جسم، لا إله إلا الكبير المتعال. 4 - حدثنا محمد بن الحسن بن احمد ابن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب، وحدثنا أبى رضى الله عنه قال: حدثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان الله عزوجل لما أخرج ذرية آدم " ع " من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية، وبالنبوة لكل نبي، كان أول من أخذ عليهم الميثاق نبوة محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وآله ثم قال الله جل جلالة لآدم: أنظر ماذا ترى قال: فنظر آدم إلى ذريته وهم (ذر) قد ملؤا السماء، فقال آدم يا رب ما اكثر ذريتي ولامرما خلقتهم؟ فما تريد منهم باخذك الميثاق عليهم؟ قال الله عزوجل: يعبدونني ولا يشركون بى شيئا، ويؤمنون برسلى ويتبعونهم. قال آدم: يا رب، فمالي أرى بعض الذر أعظم من بعض وبعضهم له نور كثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور؟ قال الله عزوجل: كذلك خلقتهم لابلوهم في كل حالاتهم. قال آدم: يا رب أفتأذن لي في الكلام فأتكلم؟ قال الله عزوجل: تكلم فان روحك من روحي وطبيعتك من خلاف كينونتي، قال آدم: يا رب، لو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد وطبيعة واحدة وجبلة واحدة وألوان واحدة واعمار واحدة وأرزاق سواء، لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شئ من الاشياء؟ قال الله جل جلالة: يا آدم، بروحى نطقت وبضعت طبعك تكلفت ما لا علم لك به وأنا الله الخالق العليم بعلمي خالفت بين خلقهم وبمشيتي يمضى فيهم أمري والى تدبيري وتقديري هم صايرون لا تبديل لخلقي، وانما خلقت الجن والانس ليعبدوني، وخلقت الجنة لمن عبدنى وأطاعني منهم، واتبع رسلي ولا
--- [ 11 ]
Shafi 10
أبالي، وخلقت النار لمن كفربى وعصاني ولم يتبع رسلي ولا أبالي، وخلفتك وخلقت ذريتك من غير فاقة لي اليك واليهم، وانما خلقتك وخلقتهم لابلوك وأبلوهم أيكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم، وكذلك خلقت الدنيا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار، وكذلك أردت في تقديري وتدبيري وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم، فجلعت منهم السعيد والشقى، والبصير والاعمى، والقصير والطويل، والجميل والذميم، والعالم والجاهل، والغنى والفقير، والمطيع والعاصي، والصحيح والسقيم، ومن به الزمانة ومن لا عاهلة به، فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته، وينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني ان أعافية ويصبر على بلائى فاثيبه جزيل عطائي، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني، وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته فلذلك خلفتهم لابلوهم في السراء والضراء، وفيما عافيتهم وفيما ابتليتهم وفيما أعطيتهم وفيما أمنعهم، وانا الله الملك القادر، ولى أن أمضى جميع ما قدرت على ما دبرت ولي ان أغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت فأقدم من ذلك ما أخرت وأؤخر ما قدمت، وأنا الله الفعال لما أريد لا أسأل عما أفعل وانا أسأل خلقي عما هم فاعلون. 5 - حدثنا أبى رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميرى عن هارون ابن مسلم عن مسعدة بن زياد قال: قال رجل لجعفربن محمد يا ابا عبد الله، إنا خلقنا للعجب؟ قال: وماذاك لله أنت، قال خلقنا للفناء؟ فقال: مه يابن أخ، خلقنا للبقاء وكيف تفنى جنة لا تبيد ونارلا تخمد ولكن قل: إنما نتحرك من دار إلى دار 6 - حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد ابن ادريس عن محمد احمد بن يحيى بن عمران الاشعري عن يعقوب بن يزيد عن الحسن بن على الوشاء، عمن ذكره، عن بعضهم قال: ما من يوم الا وملك ينادي
--- [ 12 ]
Shafi 11
من المشرق لو يعلم الخلق لماذا خلقوا قال: فيجيبه ملك آخر من المغرب: لعملوا لما خلقوا. 7 - أخبرني أبو الحسن طاهر بن محمد بن يونس بن حياة الفقيه فيما أجازه لي ببلخ قال: حدثنا محمد بن عثمان الهروي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن مهاجر قال حدثنا هشام بن خالد قال: حدثنا الحسن بن يحيى قال: حدثنا صدقة بن عبد الله، عن هشام، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبرئيل عليه السلام قال قال الله تبارك وتعالى: من اهان وليا فقد بارزنى بالمحاربة، وما ترددت في شئ انا فاعله مثل ترددي في قبض نفس المؤمن، يكره الموت واكره مساءته ولابد له منه وما يتقرب إلى عبدي بمثل اداء ما اقترضت عليه ولا يزال عبدي يبتهل إلي حتى أحبه ومن أحببته كنت له سمعا وبصراويدا ومؤئلا إن دعاني أجبته وأن سألني أعطيته، وان من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فاكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده، وان عبادي المؤمنين لمن لم يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لافسده ذلك، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه بالغني ولو أفقرته لافسده ذلك، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالسقم ولو صححت جسمه لافسده ذلك، وان من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا بالصحة ولو أسقمته لافسده ذلك، انى ادبر عبادي بعلمي بقلوبهم فانى عليم خبير. 8 - حدثنا محمد بن احمد الشيباني رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال: حدثنا عبد الله موسى الحبال الطبري قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب قال: حدثنا محمد بن محسن عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر ابن محمد عليه السلام: ان الناس يعبدون الله عزوجل على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع، وآخرون يعبدونه خوفا من النار فتلك عبادة العبيد وهى رهبة، ولكني اعبده حبا له عزوجل فتلك
--- [ 13 ]
Shafi 12
عبادة الكرام وهو الامن لقوله عزوجل: (وهم من فزع يؤميذ آمنون قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) فمن أحب الله عزوجل أحبه الله، ومن أحبه الله عزوجل كان من الآمنين. 9 - حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي قال: حدثنا أبى قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمارة السكري السرياني قال: حدثنا إبراهيم ين عاصم بقزوين قال: حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبد الله بن عبد الله مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: حدثنى عبد الله ابن يزيد قال: حدثنى أبى يزيد بن سلام عن أبيه سلام بن عبد الله أخى عبد الله ابن سلام عن عبد الله بن سلام مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: في صحف موسى بن عمران " ع " يا عبادي: انى لم اخلق لاستكثربهم من قلة، ولا لانس بهم من وحشة، ولا لاستعين بهم على شئ عجزت عنه، ولا لجر منفعة، ولا لدفع مضرة، ولوان جميع خلقي من اهل السموات والارض أجتمعوا على طاعتي وعبادتي لا يفترون عن ذلك ليلا ولا نهارا ما زاد ذلك في ملكي شيئا سبحاني وتعاليت عن ذلك. 10 - حدثنا محمد بن احمد الشيباني رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبى عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه عن ابي بصير قال: سألت أبا عبد الله " ع " عن قول الله عزوجل: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) قال: خلقهم ليأمرهم بالعبادة، قال: وسألته عن قوله الله عزوجل (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك) ولذلك خلقهم؟ قال: ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم 11 - حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن أبى عبد الله البرقي عن عبد الله بن احمد النهيكي عن على بن الحسن الطاطري قال: حدثنا درست بن أبى منصور عن جميل بن دراج
--- [ 14 ]
Shafi 13
قال: لابي عبد الله " ع " جعلت فداك ما معنى قول الله عزوجل: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) فقال: خلقهم للعبادة. 12 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدثنا على بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبى عبد الله البرقى عن الحسن بن على بن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن جميل بن دراج عن أبى عبد الله " ع " قال: سألته عن قول اله عزوجل: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) قال: خلقهم للعبادة قلت: خاصة أم عامة؟ قال: لا، بل عامة. 13 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي عن على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: لم خلق الله سبحانه وتعالى الخلق على أنواع شتى ولم يخلقهم نوعا واحدا؟ فقال لئلا يقع في الاوهام انه عاجز ولا يقع صورة في وهم ملحد إلا وقد خلق الله عزوجل عليها خلقا لئلا يقول قائل: هل يقدر الله عزوجل على ان يخلق صورة كذا وكذا، لانه لا يقول من ذلك شيئا إلا وهو موجود في خلقه تبارك وتعالى فيعلم بالنظر إلى أنواع خلقه انه على كل شئ قدير. (باب 10 - العلة التى من أجلها سمى آدم آدم) 1 - حدثنا أبى رضى الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن احمد ابن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن أبى نصر عن أبان بن عثمان عن محمد الحلبي عن أبى عبد الله عليه السلام قال: إنما سمي آدم آدم لانه خلق من أديم الارض. قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله اسم الارض الرابعة أديم، وخلق آدم منها، فلذلك قيل خلق من أديم الارض.
--- [ 15 ]
Shafi 14
(باب 11 العلة التى من أجلها سمى الانسان إنسانا) 1 - حدثنا علي بن احمد بن محمد بن رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن معاوية بن حكيم عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابنا عن أبى عبد الله " ع " قال: سمي الانسان إنسانا لانه ينسى، وقال الله عزوجل: (ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسى). (باب 12 العلة التى من أجلها خلق الله عزوجل آدم من غير أب وأم) وخلق عيسى من غير أب، وخلق ساير الخلق من الآباء والامهات) 1 - حدثنا علي بن احمد بن محمد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه عن أبى بصير قال: قلت لابي عبد الله " ع " لاي علة خلق الله عزوجل آدم من غير أب وأم، وخلق عيسى " ع " من غير أب وخلق ساير الناس من الآباء والامهات؟ فقال: ليعلم الناس تمام قدرته وكمالها، ويعلموا أنه قادر على ان يخلق خلقا من انثى من غير ذكر، كما هو قادر على ان يخلقه من غير ذكر ولا انثى وانه عزوجل فعل ذلك ليعلم انه على كل شئ قدير. (باب 13 - العلة التى من أجلها جعل الله عزوجل الارواح) (في الابدان، بعد أن كانت مجردة عنها في أرفع محل) 1 - حدثنا علي بن أحمد عن محمد بن أبى عبد الله عن محمد بن اسماعيل البرمكي قال: حدثنا جعفر بن سليمان بن أيوب الخزاز قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي قال قلت لابي عبد الله " ع " لاى علة جعل الله عزوجل الارواح في الابدان بعد كونها في ملكوته الاعلى في أرفع محمل؟ فقال عليه السلام ان الله تبارك وتعالى علم ان الارواح في شرفها وعلوها متى ما تركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى الربوبية دونه عزوجل فجعلها بقدرته في الابدان التى قدر لها في إبتداء التقدير نظرا لها ورحمة بها وأحوج بعضها إلى بعض وعلق بعضها على بعض ورفع بعضها
--- [ 16 ]
Shafi 15
على بعض في الدنيا ورفع بعضها فوق بعض درجات في الآخرة وكفى بعضها ببعض وبعث إليهم رسله واتخذ عليهم حججه مبشرين ومنذرين يأمرون بتعاطي العبودية والتواضع لمعبودهم بالانواع التي تعبدهم بها، ونصب لهم عقوبات في العاجل وعقوبات في الآجل ومثوبات في العاجل ومثوبات في الآجل ليرغبهم بذلك في الخير ويزيدهم في الشر وليده لم بطلب المعاش والمكاسب فيعملوا بذلك انهم بها مربوبون وعباد مخلوقون ويقبلوا على عبادته فيستحقوا بذلك نعيم الابد وجنة الخلد ويأمنوا من الفزع إلى ما ليس لهم بحق. ثم قال " ع ": يابن الفضل، ان الله تبارك وتعالى أحسن نظرا لعباده منهم لانفسهم ألا ترى انك لا ترى فيهم إلا محبا للعلو على غيره حتى يكون منهم لمن قد نزع إلى دعوى الربوبية، ومنهم من قد نزع إلى دعوى النبوة بغير حقها، ومنهم من قد نزع إلى دعوى الاءمامة بغير حقها وذلك مع ما يرون في انفسهم من النقص والعجز والضعف والمهانة والحاجة والفقر والآلام والمناوبة عليهم والموت الغالب لهم والقاهر لجمعهم، يابن الفضل: ان الله تبارك وتعالى لا يفعل بعباده إلا الاصلح لهم ولا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون. (باب 14 - العلة التى من أجلها سميت حواء حواءا) 1 - حدثنا علي بن احمد بن محمد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبى عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبى عبد الله " ع " قال: سميت حواء حواء لانها خلقت من حي، قال الله عزوجل (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها). (باب 15 - العلة التى من أجلها سميت المرأة مرأة) 1 - حدثنا علي بن احمد بن محمد رضى الله عنه قال: حدثنى محمد بن أبى عبد الله الكوفى عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: سميت المرأة مرأة
--- [ 17 ]
Shafi 16
لانها خلقت من المرء - يعنى خلقت حواء من آدم. (باب 16 - العلة التى من أجلها سميت النساء نساءا) 1 - أبى رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن اسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبى الديلم، عن أبى عبد الله " ع " في حديث طويل قال: سمي النساء نساءا لانه لم يكن لآدم " ع " أنس غير حواء. (باب 17 - علة كيفية بدء النسل) 1 - حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس ومحمد بن يحيى العطار جميعا قالا: حدثنا محمد بن احمد بن يحيى بن عمران الاشعري (1) قال: حدثنا احمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أحمد بن ابراهيم بن عمار قال: حدثنا ابن نويه رواه، عن زرارة قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام كيف بدؤ النسل من ذرية آدم عليه السلام فإن عندنا اناس يقولون ان الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم عليه السلام ان يزوج بناته من بنيه وان هذا الخلق كله أصله من الاخوة والاخوات؟ قال أبو عبد الله: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، يقول من يقول هذا إن الله عزوجل جعل أصل صفوة خلقه وأحبائه وأنبيائه ورسله وحججه والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام، ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطهر والطاهر الطيب والله لقد نبأت ان بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها ونزل كشف له عنها وعلم انها أخته أخرج عزموله ثم قبض عليه باسنانه ثم قلعه ثم خر ميتا. قال زرارة: ثم سئل " ع " عن خلق حواء وقيل له ان اناسا عندنا يقولون ان الله عزوجل خلق حواء من ضلع آدم الايسر الاقصى؟ قال سبحان الله وتعالى
---
(1) - وفي نسخة: احمد بن محمد بن يحيى بن عثمان الاشعري.
--- [ 18 ]
Shafi 17
عن ذلك علوا كبيرا، أيقول من يقول هذا إن الله تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجته من غير ضعله، وجعل لمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام، يقول ان آدم كان ينكح بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا وبينهم، ثم قال ان الله تبارك وتعالى لما خلق آدم من الطين وأمر الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السبات ثم أبتدع له خلقا، ثم جعلها في موضع النقرة التى بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل ، فاقبلت تتحرك فانتبه لتحركها فلما انتبه نوديت ان تنحى عنه فلما نظر الى إليها نظر الى خلق حسن تشبه صورته غير أنها أنثى فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها من أنت؟ فقالت خلق خلقني الله كما ترى، فقال آدم عند ذلك يا رب من هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربة والنظر إليه؟ فقال الله هذه أمتى حواء أفتحب ان تكون معك فتونسك وتحدثك وتأتمر لامرك؟ قال: نعم يا رب ولك بذلك الحمد والشكر ما بقيت، فقال الله تبارك وتعالى فاخطبها إلى فانها أمتى وقد تصلح أيضا للشهوة، والقى الله عليه الشهوة وقد علمه قبل ذلك المعرفة، فقال يا رب فانى أخطبها اليك فما رضاك لذلك؟ فقال رضائي ان تعلمها معالم ديني، فقال ذلك لك يا رب أن شئت ذلك، قال: قد شئت ذلك وقد زوجتكها فضمها اليك، فقال: أقبلي، فقالت بل أنت فاقبل إلي، فامر الله عزوجل آدم ان يقوم إليها فقام، ولولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى خطبن على انفسهن، فهذه قصة حواء صلوات الله عليها. 2 - أبى رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن ابن ابان، عن محمد بن أورمة، عن النوفلي، عن على بن داود اليعقوبي عن الحسن بن مقاتل، عمن سمع زرارة يقول سئل أبو عبد الله عليه السلام عن بدء النسل من آدم كيف كان وعن بدء النسل عن ذرية آدم فان أناسا عندنا يقولون ان الله عزوجل أوحى إلى آدم يزوج بناته ببنيه وان هذا الخلق كله أصله من الاخوة والاخوات؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
--- [ 19 ]
Shafi 18
يقول من قال هذا بان الله عزوجل خلق صفوة خلقه واحبائه وأنبيائه ورسله والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من حلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال الطهر الطاهر الطيب، فوالله لقد تبينت ان بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزاعليها ونزل كشف له عنها فلما علم أنها أخته أخرج عزموله ثم قبض عليه باسنانه حتى قطعه فخر ميتا، وآخر تنكرت اله أمه ففعل هذا بعينه فكيف الانسان في انسيته وفضله وعلمه، غيران جيلا من هذا الخلق الذي ترون رغبوا عن علم أهل بيوتات انبيائهم وأخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه فصاروا إلى ما قد ترون من الضلال والجهل بالعلم، كيف كانت الاشياء الماضية من بدء ان خلق الله ما خلق وما هو كاين ابدا، ثم قال ويح هؤلاء أين هم عما لم يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز ولا فقهاء أهل العراق ان الله عزوجل أمر القلم فجرى على اللوح المحفوظ بما هو كاين إلى يوم القيامة قبل خلق آدم بالفى عام وان كتب الله كلها فيما جرى فيه القلم في كلها تحريم الاخوات على الاخوة مع ما حرم وهذا نحن قد نرى منها هذه الكتب الاربعة المشهورة في هذا العالم: التوراة والانجيل والزبور والفرقان، أنزلها الله عن اللوح المحفوظ عن رسله صلوات الله عليهم اجمعين، منها التوراة على موسى (عليه السلام) والزبور على داود (عليه السلام) والانجيل على عيسى (عليه السلام) والقرآن على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى النبيين عليهم السلام، وليس فيها تحليل شئ من ذلك، حقا أقول ما أراد من يقول هذا وشبهه إلا تقوية حجج المجو س فمالهم قاتلهم الله، ثم انشأ يحدثنا كيف كان بدء النسل من آدم وكيف كان بد النسل من ذرية، فقال: ان آدم عليه السلام ولد له سبعون بطنا في كل بطن غلام وجارية إلى ان قتل هابيل، فلما قتل قابيل هابيل جزع آدم على هابيل جزعا قطعه عن اتيان النساء فبقى لا يستطيع ان يغشى حواء خمسمائة عام ثم تخلى ما به من الجزع عليه فغشى حواء فوهب الله له شيئا وحده ليس معه ثان، واسم شيث هبة الله وهو أول من أوصى إليه من
--- [ 20 ]
Shafi 19
الآدميين في الارض، ثم ولد له من بعد شيث يافث ليس معه ثان فلما ادركا وأراد الله عزوجل ان يبلغ بالنسل ما ترون وان يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرم الله عزوجل من الاخوات على الاخوة انزل بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنة اسمها (نزلة) فأمر الله عزوجل آدم ان يزوجها من شيث فزوجها منه، ثم أنزل بعد العصر حوراء من الجنة اسمها (منزلة) فأمر الله تعالى آدم ان يزوجها من يافث فزوجها منه فولد لشيث غلام وولدت ليافث جارية فأمر الله عزوجل آدم حين ادركا ان يزوج بنت يافث من ابن شيث ففعل فولد الصفوة من النبيين والمرسلين من نسلهما ومعاذ الله ان يكون ذلك على ما قالوا من الاخوة والاخوات. (باب 18 - ما ذكره محمد بن الشيباني المعروف بالرهنى رحمه الله) (في كتابه: من قول مفضلوا الانبياء والرسل والائمة والحجج) (صلوات الله عليهم أجمعين على الملائكة) 1 - قال مفضلوا الانبياء والرسل والحجج والائمة على الملائكة إنا نظرنا إلى جميع ما خلق الله عزوجل من شئ علا علوا طبعا واختيارا أو على به قسرا واضطرارا أو ما سفل شئ طبعا واختيارا أو سفل به قهرا واضطرارا فإذا هي ثلاثة أشياء بالاجماع: حيوان ونام وجماد وافلاك سايرة، وبالطبع الذي طبعها عليه صانعها دايرة وفيما دونها عن ارادة خالقها مؤثرة، وانهم نظروا في الانواع الثلاثة وفي الاشياء التى هي اجناس منقسمة إلى جنس الاجناس الذي هو شئ إذ يعطي كل شئ إسمه، قالوا ونظرنا - أي الثلاثة وهو نوع لما فوقه وجنس لما تحته أنفع وأرفع وأيها أدون وأوضع - فوجدنا أرفع الثلاثة الحيوان وذلك بحق الحياة التي بان بها النامي والجماد، وإنما رفعة الحيوان عندنا في حكمة الصانع وترتيبها ان الله تقدست أسماؤه، جعل النامى له غذاء وجعل له عندكل داء دواء وفيما قدر له صحة وشفاء فسبحانه ما أحسن ما دبره في ترتيب حكمته إذا الحيوان
--- [ 21 ]
Shafi 20