Cibarat
العبرات
Mai Buga Littafi
دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع
Inda aka buga
بيروت - لبنان
قَبْل وَمَا كُنْت فِي يَوْم مِنْ أَيَّام رَغَدك وَرَخَاءَك مِنْ اَلْمُحْسِنِينَ إِلَيْهِ فَاذْهَبْ لِشَأْنِك فَأَبْوَاب اَلْعَيْش وَاسِعَة بَيْن يَدَيْك فَإِنْ ضَاقَتْ بِك فَأَبْوَاب اَلْجَرَائِم أَوْسَع مِنْهَا فَخَرَجَ مِنْ حَضَرْته كَئِيبًا مَحْزُونًا لَا يَرَى فَضَاء اَلدُّنْيَا فِي نَظَره إِلَّا كَكِفَّة اَلْحَابِل أَوْ أفحوص اَلْقَطَاة حَتَّى نَزَلَ إِلَى سَاحَة اَلدَّيْر فَلَمَحَ فِي إِحْدَى زَوَايَاهُ غرارة دَقِيق فَحَدَّثَتْهُ نَفْسه بِهَا وَمَا كَانَتْ تُحَدِّثهُ لَوْلَا اَلْعَوَز وَالْفَاقَة ثُمَّ أَدْرَكَهُ اَلْحَيَاء فأغضى عَنْهَا وَاسْتَمَرَّ سَائِرًا فِي طَرِيقه حَتَّى صَارَ بِجَانِبِهَا فَوَقِّعْ نَظَره عَلَيْهَا مَرَّة أُخْرَى فَعَاوَدَهُ حَدِيثه اَلْأَوَّل فَحَاوَلَ دَفْعه فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَجَلَسَ بِجَانِبِهَا يَحْدُث نَفْسه وَيَقُول إِنَّ اَلطَّعَام طَعَام اَلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَأَنَا فَقِير مِسْكِين لَا أَعْلَم أَنَّ بَيْن أَسْوَار هَذِهِ اَلْمَدَنِيَّة وَلَا فِي جَمِيع أرباضها رَجُلًا أَحْوَج وَلَا أَفْقَر مِنِّي فَإِنْ كَانَ اَلطَّمَع فِي هَذِهِ الغرارة جَرِيمَة فَقَدْ أَذِنَ لِي اَلْكَاهِن بِارْتِكَاب اَلْجَرَائِم فِي سَبِيل اَلْعَيْش ثُمَّ مَشَى إِلَيْهَا فَاحْتَمَلَهَا عَلَى ظَهْره وَمَشَى بِهَا جَاهِدًا مترجحا فَمَا تج - اوز عَتَبَة اَلدَّيْر حَتَّى أَثْقَلَهُ اَلْحَمْل وَشَعَرَ أَنَّهُ عَاجِز عَنْ اَلسَّمِير فَحَدَّثَتْهُ نَفْسه بِإِلْقَائِهِ عَنْ ظَهْره ثُمَّ تمقل لَهُ مَنْظَر أَحْفَاده اَلصِّغَار وَهُمْ ألقاء تَحْت جُدْرَان اَلْبَيْت يَتَضَوَّرُونَ جُوعًا فَحِمْل عَلَى نَفْسه وَمَشَى يَعْتَمِد عَلَى عَصَاهُ مَرَّة وَعَلَى اَلْجِدَار مَرَّة وَعَلَى اَلْجِدَار كُرَة أُخْرَى حَتَّى نَالَ مِنْهُ اَلْجُهْد فَأَحَسَّ كَأَنَّ أَنْفَاسه قَدْ جَمَّدَتْ فِي صَدْره لَا تَهْبِط وَلَا تَعْلُو وَأَنَّ مَا كَانَ بَاقِيًا فِي عَيْنَيْهِ مِنْ نُور قَدْ أنطفأ دُفْعَة وَاحِدَة فَأَصْبَحَ لَا يَرَى شَيْئًا مِمَّا حَوْله وَإِذَا نفثة مِنْ دَم دفقت مِنْ صدرة فَانْحَدَرَتْ
1 / 107