Charles Darwin: Rayuwarsa
تشارلز داروين: حياته
Nau'ikan
بخصوص اتسام كائنات جالاباجوس بطابع أمريكي في ضوء فرضية الخلق. لا أستطيع أن أوافقك الرأي في أنه إذا كانت الأنواع قد خلقت لتتنافس مع أشكال أمريكية، كانت ستخلق ولا بد على النمط الأمريكي. لكن الحقائق تشير إلى العكس تماما. انظر إلى الأرض غير المزروعة وغير المحروثة في لابلاتا، إنها «مغطاة» بكائنات أوروبية لا تجمعها علاقة قريبة بالكائنات الأصلية. معنى هذا أنها ليست أنماطا أمريكية تغزو الكائنات الأصلية. ينطبق هذا على كل جزيرة في أنحاء العالم. من المهم جدا أن نراعي نتائج «ألفونس دي كاندول» على الدوام (وإن كان لا يرى أهميتها الكاملة)، التي تشير إلى أن [النباتات] المتوطنة تختلف للغاية في العموم عن النباتات الأصلية (التي تنتمي في جزء كبير من الحالات إلى أجناس غير أصلية). إنني متيقن تماما من أنك ستفهم أنني لذلك أكتب بطريقة افتراضية من أجل الاختصار.
بخصوص الخلق المستمر للكائنات الوحيدة الخلية. هذا الاعتقاد زائد عن الحاجة (ولا أساس له) وفقا لنظرية الانتقاء الطبيعي، التي تشير ضمنيا إلى عدم وجود نزعة «ضرورية» إلى التطور. إذا لم يحدث انحراف مفيد في بنية أي كائن وحيد الخلية، تحت ظروف حياته «البسيطة للغاية»، فربما يظل حتى يومنا هذا على حالته التي كان عليها قبل العصر السيلوري بوقت طويل، دون أي تغير. أعترف بأنه ستوجد نزعة إلى الارتقاء في تعقيد التكوين بوجه عام، لكنه سيكون طفيفا وبطيئا في الكائنات المتكيفة على الظروف البسيطة للغاية. فأنى لتكوين معقد أن يفيد كائنا وحيد الخلية؟ وإذا لم يفده، فلن يحدث ارتقاء. ولهذا لا تختلف نقعيات الحقبة الوسطى عن النقعيات الحية سوى اختلاف طفيف. قد ينجح الشكل الأصلي من الكائن الوحيد الخلية في البقاء على قيد الحياة دون أن يتغير، ويظل متكيفا على ظروفه البسيطة، في حين أن نسل هذا الكائن الوحيد الخلية قد يتكيف على ظروف أشد تعقيدا. من الممكن أن يكون النموذج الأولي البدائي لجميع الكائنات الحية والمنقرضة، على قيد الحياة الآن! إضافة إلى ذلك، فالأشكال الأرقى قد تتدنى أحيانا مثلما تقول؛ إذ «يبدو» (؟!) أن الأفعى الثعبانية العمياء لديها عادات ديدان الأرض. ولهذا يبدو لي أن فكرة الخلق الجديد للأشكال البسيطة غير ذات صلة إطلاقا. «أليس لزاما علينا أن نفترض وجود قوة قديمة بادئة مبدعة لا تتصرف بطريقة موحدة، وإلا فكيف أمكن أن يظهر الإنسان لاحقا؟» لست متيقنا من أنني أفهم ما قلته بعد الجملة المذكورة أعلاه. لا بد لنا، في ظل ما نعرفه حاليا، أن نفترض خلق شكل واحد أو بضعة أشكال بالطريقة نفسها التي يفترض بها الفلاسفة وجود قوة جذب بلا أي تفسير. لكني أرفض تماما، لأنني أرى ذلك غير ضروري على الإطلاق، أي إضافة لاحقة لأي «قدرات وسمات وقوى جديدة»، أو لأي «مبدأ تحسين»، إلا من حيث أن كل صفة من الصفات المنتقاة طبيعيا أو المحتفظ بها تمثل ميزة أو تحسينا بطريقة ما، وإلا فما كانت ستنتقى. ولو أنني كنت مقتنعا باحتياجي إلى مثل هذه الإضافات في نظرية الانتقاء الطبيعي، لرفضتها باعتبارها محض هراء، لكني أومن بصحتها؛ لأنني لا أستطيع تصديق أنها كانت ستفسر فئات بأكملها من الحقائق التي أرى، إن كنت في كامل قواي العقلية ورشدي، أنها تفسرها إذا كانت خاطئة. بقدر ما أفهمه من ملاحظاتك ورسوماتك التوضيحية، فأنت تشك في احتمالية تدرج القوى الفكرية. حسنا، يبدو لي، عند النظر إلى الحيوانات الحالية، كل على حدة، أن لدينا تدرجا دقيقا جدا في القوى الفكرية للفقاريات، مع وجود فجوة واسعة بعض الشيء (لكنها لا تضاهي نصف اتساع الفجوات في العديد من حالات البنية الجسدية) بين أحد أفراد الهوتنتوت وأحد أفراد إنسان الغاب على سبيل المثال، حتى وإن كان ذاك الفرد قد تطور عقليا بقدر ما تطور الكلب عقليا من الذئب. أفترض أنك لا تشك في أن القدرات الفكرية مهمة لرفاهية كل كائن قدر أهمية البنية الجسدية؛ وإن صح ذلك، فلا أرى صعوبة في أن ينتقى الأفراد ذوو القدرات الفكرية العليا في أحد الأنواع باستمرار، وبذلك تتحسن القدرات الفكرية للأنواع الجديدة، ويساعدها في ذلك على الأرجح تأثيرات التمرين العقلي المتوارثة. وأنا أرى أن هذه العملية تجري الآن مع أعراق الإنسان؛ إذ تفنى الأعراق ذات القدرات الفكرية الأقل. لكن المجال لا يسمح بمناقشة هذه النقطة هنا. إذا كنت أفهمك، فلا بد أن النقطة المفصلية في خلافنا هي أنك تعتقد أنه من المستحيل أن تتحسن القدرات الفكرية لأي نوع تحسنا كبيرا بالانتقاء الطبيعي المستمر للأفراد ذوي القدرات الفكرية العليا. لكي تتضح لك كيفية تدرج العقول، ما عليك سوى تأمل مدى الصعوبة الهائلة التي واجهت جميع من حاولوا تحديد الاختلاف بين عقل الإنسان والحيوانات الأدنى منه حتى الآن؛ إذ يبدو أن هذه الحيوانات تتمتع بالسمات العقلية نفسها، لكنها على درجة من الكمال أدنى بكثير من السمات العقلية التي يتمتع بها الإنسان في أكثر حالاته همجية. ما كنت لأعتد بنظرية الانتقاء الطبيعي إطلاقا إذا كانت ستتطلب إضافات خارقة عند أي مرحلة من مراحل الانحدار. أظن أن علم الأجنة وعلم التنادد والتصنيف، وما إلى ذلك، كلها توضح لنا أن الفقاريات جميعها قد انحدرت من أصل واحد، أما عن كيفية ظهور هذا الأصل فنحن لا نعرف ذلك. أعتقد وإذا اعترفت، ولو أدنى اعتراف، بالتفسير الذي طرحته فيما يتعلق بعلم الأجنة وعلم التنادد والتصنيف، فستجد صعوبة في القول بأن التفسير صالح حتى الآن، لكن صحته تتوقف عند هذا الحد، وهنا يجب أن نستعين ب «إضافة قوى مبدعة جديدة». أظن أنك إما سترفض التفسير بأكمله أو ستقره بأكمله؛ وأخشى، بناء على خطابك الأخير، أن يتحقق الاحتمال الأول، وفي هذه الحالة سأكون متيقنا من أن ذلك خطئي، لا عيب في النظرية، وسيكون هذا عزاء لي بالتأكيد. وبخصوص انحدار الممالك الكبرى (كالفقاريات والمفصليات وما إلى ذلك) من أصل واحد، فقد قلت في الختام إن التشابه وحده يجعل من ذلك احتمالا مرجحا لدي، وأرى في تقديري الشخصي أن صحة حججي وحقائقي تقتصر على كل مملكة منفصلة على حدة.
بخصوص الأشكال التي تغلب وتشترك في وراثتها للدونية. أظن أنني لم أكن حذرا بما يكفي، ولكن ألا يمكن أن يشير مصطلح الدونية إلى درجة أقل من التكيف مع الظروف الطبيعية؟
إن ملاحظاتي لا تنطبق على نوع مفرد، بل على مجموعات أو أجناس؛ إذ تتكيف أنواع معظم الأجناس على الأقل مع مناخات أشد حرارة بعض الشيء، وأخرى أقل حرارة بعض الشيء، ومع مناخات أشد رطوبة بعض الشيء، وأخرى أجف بعض الشيء، وعندما تغلب أنواع متعددة لمجموعة ما وتفنى بفعل عدد من أنواع مجموعة أخرى، فلا أعتقد أن السبب في العادة هو تكيف «كل» نوع جديد مع المناخ؛ بل لأن كل الأنواع الجديدة تحظى بأفضلية شائعة بينها في الحصول على القوت أو الهروب من الأعداء. وبخصوص المجموعات، فثمة توضيح أنسب من مثال الزنوج وذوي البشرة البيضاء في ليبيريا؛ ألا وهو الانقراض المستقبلي شبه الأكيد لجنس إنسان الغاب بأيدي جنس الإنسان، وليس ذلك لأن الإنسان أصلح للتكيف مع المناخ؛ بل بسبب ما يرثه جنس إنسان الغاب من دونية فكرية مقارنة بجنس الإنسان الذي يستطيع بقدراته الفكرية اختراع الأسلحة وإزالة الغابات. أعتقد، بناء على الأسباب الواردة في مناقشتي، أن التأقلم مع المناخات المختلفة يحدث بسهولة تحت تأثير الطبيعة. لقد استغرق الأمر سنوات كثيرة جدا كي أحرر عقلي من وهم أهمية المناخ الكبيرة «المبالغ فيها» - لأن تأثيره المهم جلي جدا، في حين أن التأثير المهم للتناحر بين كائن وآخر مستتر جدا - حتى إنني أرغب في سب القطب الشمالي، وإهانة خط الاستواء، كما قال سيدني سميث. أناشدك مرارا أن تفكر (مع العلم أنني لم أجد «أي شيء» أكثر إفادة من ذلك) في حالة آلاف النباتات في النقطة الوسطى من نطاقاتها الخاصة بها، والتي نعلم يقينا أنها تستطيع تحمل قدر أكبر بقليل من الحرارة أو البرودة، وقدر أكبر بقليل من الرطوبة والجفاف تحملا مثاليا، لكنها لا توجد بأعداد كبيرة في البؤر الرئيسية الكبيرة من نطاق انتشارها، مع أنها ستغطي الأرض كلها إذا فنيت الأنواع الأخرى التي تسكن تلك المنطقة. وهكذا يتبين لنا أن أعدادها تظل محجمة، في جميع الحالات تقريبا، وليس ذلك بسبب المناخ، بل بسبب تناحرها مع الكائنات الحية الأخرى. ربما ستظن أن كل هذا واضح جدا ، لكني كنت أتبنى فكرة خاطئة تماما عن اقتصاد الطبيعة، على حد ظني، إلى أن ظللت أكرر ذلك لنفسي آلاف المرات ...
بخصوص التهجين. لقد سررت جدا باستحسانك هذا الفصل، وستذهل من الجهد المضني الذي كلفني إياه؛ فكثيرا ما كنت أتبع مسارا خاطئا، حسبما أعتقد.
بخصوص الأعضاء الأثرية. يوجد وفق نظرية الانتقاء الطبيعي فارق كبير بين الأعضاء الأثرية وما تسميه أجنة الأعضاء، وما أسميه في كتابي الأكبر الأعضاء «الوليدة». ينبغي ألا يوصف العضو بأنه أثري إلا إذا كان عديم الفائدة، مثل الأسنان التي لا تبرز من خلال اللثة أبدا، أو الحليمات، التي تمثل المدقة في الأزهار المذكرة، أو جناح طائر أبتريكس
Apteryx ، أو الأجنحة الصغيرة تحت أغمدة الخنافس المقواة، وهذا مثال أفضل. فمن الواضح أن هذه الأعضاء عديمة الفائدة الآن، ومن باب أولى، أنها ستكون عديمة الفائدة في حالة أقل تطورا. يقتصر عمل الانتقاء الطبيعي على حفظ تعديلات طفيفة «مفيدة» متتالية. ومن ثم، فلا يمكن أن يصنع الانتقاء الطبيعي عضوا عديم الفائدة أو أثريا. وبذلك فالسبب الوحيد وراء وجود هذه الأعضاء هو الوراثة (كما هو موضح في مناقشتي)، وهي دلالة واضحة على وجود سلف كان لديه هذا العضو في حالة مفيدة. وربما يمكن أن تستخدم لأداء أغراض أخرى، وهو ما حدث في أحيان كثيرة، وحينئذ لا تكون أثرية إلا فيما يتعلق بأداء وظيفتها الأصلية، ويبدو ذلك جليا في بعض الأحيان. ويجب أن يكون العضو الوليد، وإن كان ناقص التطور، مفيدا في كل مرحلة من مراحل التطور، ما دام تطوره ضروريا. ولأننا لا نستطيع التنبؤ، لا يمكننا تحديد أي الأعضاء وليد الآن، ونادرا ما ستورث الأعضاء الوليدة من أفراد معينين في إحدى المجموعات من أمد بعيد إلى الوقت الحاضر؛ وذلك لأن الكائنات التي تمتلك عضوا مهما لكنه ناقص التطور سيستبدل به عادة لدى أحفادها صورة مكتملة التطور من ذلك العضو. ربما تعد الغدد الثديية لحيوانات خلد الماء وليدة مقارنة بضرع البقرة، وكذلك تعد مثبتات البويضات في بعض هدابيات الأرجل خياشيم وليدة، وفي [نص غير مقروء]، تكاد مثانة السباحة أن تعد أثرية في أداء هذا الغرض، وهي عضو وليد بمثابة رئة. قد يكون جناح البطاريق الصغير، الذي لا يستخدم إلا كزعنفة، وليدا كجناح، لكني لا أظن ذلك؛ لأن البنية الكلية للطائر مهيأة للطيران، والبطريق يشبه بعض الطيور الأخرى بشدة إلى حد أننا قد نستنتج أن جناحيه قد عدلا على الأرجح وتقلصا بالانتقاء الطبيعي، تماشيا مع عاداته شبه المائية. ومن ثم، فتشابه الوظائف كثيرا ما يعد بمثابة دليل مرشد في تحديد ما إذا كان العضو أثريا أم وليدا. أعتقد أن العصعص العظمي يثبت عضلات معينة، لكني لا أشك في أنه ذيل أثري. وريش الفص القاعدي للجناح
Alula
لدى الطيور يعد إصبعا أثرية، وأعتقد أنه إذا اكتشفت طيور متحفرة في مواضع منخفضة جدا من تسلسل الطبقات، فسيلاحظ أن لديها جناحا مزدوجا أو متشعبا إلى جزأين. ها أنا ذا أتنبأ بنبوءة جريئة!
إن الاعتراف بأجنة الأعضاء التنبئية يكافئ رفض نظرية الانتقاء الطبيعي.
Shafi da ba'a sani ba