Charles Darwin: Rayuwarsa da Wasikunsa (Sashi na Farko): Tare da Wani Babu Karatun Tarihin Kai daga Charles Darwin
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
Nau'ikan
وسوف أذكر هنا بعض الرجال البارزين الآخرين، الذين كنت أراهم في بعض الأحيان، رغم أنني لا أملك الكثير مما يستحق الذكر في هذا الشأن. لقد كنت أبجل السير جيه هيرشيل أشد التبجيل، وقد سررت بتناول العشاء معه في منزله الجميل الموجود في رأس الرجاء الصالح، ثم في منزله بلندن بعد ذلك. وقد التقيت به أيضا في بعض المناسبات الأخرى. لم يكن هيرشيل كثير الكلام، لكن كل كلمة كان يقولها تستحق الاستمتاع إليها.
وذات مرة على الإفطار في منزل السير آر موركيسون، التقيت بالعالم المرموق هومبولت، الذي شرفني بأن عبر عن رغبته في لقائي. لقد خاب أملي قليلا في هذا الرجل العظيم، لكنني قد أفرطت في توقعاتي بشأنه على الأرجح. وأنا لا أتذكر شيئا محددا من لقائنا سوى أنه كان مرحا جدا وقد تحدث كثيرا.
ويذكرني ... بباكل الذي التقيته ذات مرة في منزل هينزلي ويدجوود. لقد سررت كثيرا لتعلمي منه نظامه في جمع الحقائق. وقد أخبرني بأنه اشترى جميع الكتب التي قرأها وأعد فهرسا كاملا بجميع الحقائق الواردة في كل منها، وهي التي كان يعتقد أنها قد تخدم أغراضه، وأنه يستطيع دائما أن يتذكر في أي كتاب قد قرأ معلومة بعينها؛ إذ كان يتمتع بذاكرة رائعة. وقد سألته كيف كان يستطيع منذ البداية أن يحدد الحقائق التي ستخدم أغراضه، وقد أجابني بأنه لا يعرف، لكن حدسه كان يقوده؛ ونظرا لعادته في إعداد الفهارس، فقد كان بإمكانه أن يذكر عددا هائلا من الإحالات في جميع المواضيع، وهو ما يتضح في كتابه «تاريخ الحضارة». وقد وجدت هذا الكتاب شائقا للغاية وقرأته مرتين، لكنني أشك أن ما ذكره فيه من تعميمات قد يكون لها أي قيمة على الإطلاق. لقد كان باكل متحدثا رائعا، وقد كنت أستمع إليه دون أن أتفوه بكلمة واحدة، وما كنت لأتمكن من ذلك؛ إذ إنه لم يكن يترك ثغرة واحدة. وحين بدأت السيدة فارار بالغناء، اندفعت وثبا وقلت له إن علي أن أستمع إليها، وبعد أن ابتعدت عنه، التفت إلى صديق وقال له (وفقا لما سمعه أخي): «حسنا، إن كتب السيد داروين أفضل كثيرا من حديثه.»
ومن رجال الأدب العظماء، التقيت ذات مرة بسيدني سميث في منزل دين ميلمن. وقد كنت أجد في كل كلمة يتحدث بها شيئا ممتعا بنحو لا يمكن تفسيره، وربما كان ذلك يعود جزئيا لما توقعته من شعوري بالاستمتاع في الحديث معه. كان يتحدث عن الليدي كورك، وهي التي كانت في هذا الوقت طاعنة في السن. تلك هي السيدة التي قال عنها إنها قد تأثرت للغاية بموعظة كان قد ألقاها عن حب الخير، حتى إنها «اقترضت» جنيها من أحد الأصدقاء ووضعته في الطبق المخصص للصدقة. وقد قال بعد ذلك: «إنه لأمر شائع الاعتقاد بأن صديقته الغالية العجوز، قد جرى إغفالها.» وقد قال ذلك بما لا يدع مجالا للشك في أنه كان يعني أن الشيطان هو من أغفلها. أما الكيفية التي تمكن بها أن يعبر عن ذلك، فهذا ما لا أعرفه.
كنت قد التقيت أيضا بماكولي في منزل اللورد ستانهوب المؤرخ؛ ونظرا لأنه لم يكن على العشاء سوى شخص آخر فقط، فقد حظيت بفرصة كبيرة في الاستماع إليه وهو يتحدث، وقد كان لطيفا للغاية. لم يتحدث كثيرا، وما كان لرجل مثله أن يفعل ذلك بالطبع؛ إذ إنه كان يسمح للآخرين بأن يديروا دفة الحديث، وهو ما قام به.
لقد قدم لي اللورد ستانهوب ذات يوم برهانا صغيرا وغريبا على دقة ذاكرة ماكولي وسعتها. لقد اعتاد الكثير من المؤرخين أن يلتقوا في منزل اللورد ستانهوب، وبينما كانوا يناقشون الموضوعات المختلفة، كانوا يختلفون أحيانا مع رأي ماكولي، وغالبا ما كانوا يعودون إلى كتاب ما ليحددوا أي الطرفين كان على صواب. أما مؤخرا، فقد لاحظ ستانهوب أن أحدا من المؤرخين لم يكن ليكلف نفسه عناء ذلك الأمر، وأنهم كانوا يوافقون على ما يقول به ماكولي دون أي مراجعة.
وفي مناسبة أخرى في منزل اللورد ستانهوب، التقيت بمجموعة أخرى من أصدقائه من المؤرخين ورجال الأدب، وكان من بينهم موتلي وجروت. وبعد الغداء، سرت مع جروت على مدى ساعة تقريبا في أرجاء حديقة تشيفنينج، وقد وجدت حديثه شائقا للغاية وسرني منه بساطته وغياب مظاهر الادعاء من تصرفاته.
وقد كنت فيما مضى أتناول العشاء أحيانا مع الإيرل الكبير، والد ستانهوب. لقد كان رجلا غريبا، لكنني قد أحببت ذلك القدر القليل الذي عرفته عنه. لقد كان صريحا وودودا ولطيفا. وكان يتسم بملامحه المميزة البارزة، وبشرته بنية اللون، وحين رأيته، كانت جميع ملابسه بنية اللون. بدا أنه يؤمن بكل ما لا يصدقه الآخرون، وقد قال لي ذات مرة: «لم لا تتخلى عن ترهاتك في الجيولوجيا وعلم الحيوان وتلتفت إلى العلوم الخفية؟» لقد ذهل ستانهوب، الذي كان يحمل لقب اللورد ماهون في ذلك الوقت، من هذا الكلام الموجه إلي، أما زوجته الفاتنة، فقد بدا عليها الاستمتاع.
إن آخر من سأتحدث عنه هنا هو كارلايل، الذي قد التقيت به مرات عديدة في منزل أخي، ومرتين أو ثلاثا في منزلي. لقد كان حديثه حيويا وشائقا، تماما ككتاباته، لكنه كان يطيل الحديث أحيانا في الموضوع نفسه. أتذكر عشاء مضحكا في منزل أخي، وكان من بين القليلين الذين حضروه، بابيدج ولايل، وقد كانا يحبان الحديث. لكن كارلايل قد أسكت الجميع؛ إذ ظل يحاضر طوال فترة العشاء عن مزايا الصمت. وبعد العشاء، قدم بابيدج بطريقته المتجهمة، شكره إلى كارلايل لمحاضرته الشائقة عن الصمت.
كان كارلايل يسخر من الجميع تقريبا؛ ففي أحد الأيام في منزلي، قال عن كتاب جروت «تاريخ» إنه «مستنقع نتن الرائحة، ليس به شيء روحاني.» لقد كنت أعتقد دوما، حتى نشر عمله «ذكريات»، أنه يسخر جزئيا بدافع الفكاهة، أما الآن، فأنا أشك في ذلك. لقد كانت هيئته تدل على أنه رجل مكتئب ويكاد يكون قانطا، لكنه خير في الوقت نفسه، وقد اشتهر بضحكته الصافية الصادقة. أعتقد أن إحسانه كان حقيقيا، غير أنه كان مشوبا بقدر ليس بالقليل من الغيرة. ولا يمكن لأحد أن ينكر قدرته الاستثنائية في رسم صور للأشياء والناس، وفي رأيي أن ما يرسمه من صور أكثر حيوية ووضوحا من جميع الصور التي يرسمها ماكولي. أما ما إذا كانت الصور التي يرسمها للرجال حقيقية أم لا، فذلك أمر آخر.
Shafi da ba'a sani ba