هنا رفع الرجال دياب بكل تكريم إلى بيت أخته نوفلة، التي ما إن نظرته مسجى على هذا الحال المبين وهو محمول على أيدي الرجال، حتى أجهشت بالبكاء والنحيب وهي تمزق أستارها مولولة:
فما كان ظني يا دياب بن غانم
أراك محمولا على أيدي الرجال كميت!
وأسرعت فمددت أخاها دياب على فراش من ريش النعام، وهو ينتفض ويرتعش، وبقي على هذه الحال ثلاثة أيام، لا يذوق طعاما أو ينطق بكلمة، مستجمعا قواه متحينا منتصف الليل للانتقام الدامي الفاجع لما حل به وانتهى إليه أمره.
إلى أن حانت فرصته فتسلل ليلا تحت أستاره وملابس سجنه إلى مخدع السلطان حسن الهلالي وهو غارق يغط في نومه، واستل شفرة كان يخبئها في حرص إلى أن تحين فرصته تلك بالانتقام الأسود من عدوه اللدود السلطان حسن.
فانطرح على السلطان حسن تحت جنح الظلام وذبحه من الوريد إلى الوريد في صمت كتوم، ومضى متسللا في جنح الظلام إلى أن وصل إلى قومه وعشائره ففرحوا به كثيرا.
إلى أن حكى لهم ما جرى لحين اغتياله لسلطان الهلالية حسن بن سرحان، فتزايد حزنهم وأساهم وقالوا: أصبحنا عبرة عند العرب، فسوف يصير بنا كما صار مع جساس بن مرة حين اغتال الأمير كليب ملك العرب.
وقرروا من فورهم هدم المضارب والرحيل الجماعي بمضاربهم وأغراضهم تحت جنح الظلام هربا من انتقام الهلالية، وقبل أن تلحقهم جيوشهم الزاحفة المعبأة بكل انتقام أسود.
فهدموا الأطناب وأودعوها ظهور الجمال وأركبوا النساء والأطفال وجدوا السير يقطعون الروابي والبطاح باتجاه السودان والحبشة.
وما إن عم وانتشر خبر اغتيال دياب للسلطان حسن بن سرحان الهلالي، حتى عمت أحزان القيسيين والعامريين - الفلسطينيين - حتى إذا ما وصل الخبر مسامع أبي زيد شق ثيابه، وألقى بشاله ونتف لحيته وأهال التراب مع النساء على رأسه، وبكته أخته الجازية:
Shafi da ba'a sani ba