99

الإنسانية ، وإن كان ممكن الوجود.

وكذا الموجود الحادث واجب الحدوث ، لا يفتقر في حدوثه إلى سبب ، وإن افتقر في وجوده.

ولا استبعاد في أن يكون اتصاف الشيء ببعض الصفات ممكنا ، إلا أنه متى اتصف به يكون اتصافه بصفة أخرى عند ذلك واجبا لا يفتقر فيه إلى السبب.

ومن هنا قيل : الجوهر جوهر لنفسه ، والعرض عرض لنفسه ، وليس إذا كان كون الذات ذاتا متفرعا على نفس الذات ، والذات مجعولة محتاجة إلى الجاعل ، فتكون هذه النسبة أيضا محتاجة إلى الجاعل ، ومجعولة ؛ لأنه فرق بين الاحتياج الناشىء من الشيء بالذات ، والاحتياج الناشىء منه بالعرض ، وعلى سبيل الاتفاق فالذاتيات ولوازم الماهيات لا تحتاج إلى جعل جاعل ، وتأثير مؤثر ، بل جعلها تابع لجعل الذات وجودا وعدما ، فإن كانت الذات مجعولة ، كانت ذاتياتها ولوازمها مجعولة بنفس ذلك الجعل ، وإن كانت الذات غير مجعولة ، كانت الذاتيات واللوازم غير مجعولة باللاجعل الثابت للذات ، وكما أن الضرورة الأزلية تدفع الحاجة إلى المبدأ ، كذلك الضرورة الذاتية.

والفرق بينهما إنما هو بعدم الاحتياج التبعي في الأول ، وثبوته في الثاني ، فاختلاف الموصوفات والملزومات إنما هو لأجل اختلاف الصفات واللوازم التي هي ذاتيات ، أو عرضيات.

وأما اختلاف الصفات واللوازم فهو لنفس اختلاف ذواتها ووجوداتها التي هي متخالفة المراتب ، كمالا ونقصا ، وشدة وضعفا ، وسبقا ولحوقا ؛ لأن الباري تعالى أبدعها مختلفة بأعيانها ، لا لعلة فيها ، بل لنفسها ، ولو كان اختلافها لعلة أخرى لتمادى إلى غير النهاية.

Shafi 119